بلا حدود
هنادي الصديق
النظافة من الايمان
رفع الحظر الصحي المفروض على الشعب السوداني منذ شهر مارس الماضي، بسبب جائحة كوفيد ١٩ تدريجياً فرصة طيبة لكتيبة الانتحاريين من وزراء الحكومة الإنتقالية ومسؤوليها للقيام بادوارهم بشكل اكثر احترافية بعد أن منحتهم الاجازة القسرية للعاملين بالدولة، الفرصة لدراسة الكثير من الملفات العالقة ومعالجة العديد من الأوضاع المختلة، وهنا استأذن القارئ لتقديم العديد من النقاط التي يمكن ان تساعد في تفكيك مفاصل الفساد منذ عهد النظام البائد، والتي يمكن ان تسهم في إعادة الكثير من الاموال إلى خزينة الدولة وتوفير الكثير جدا منها، وتخفيف الأعباء عن الحكومة الانتقالية وللخروج من عنق الزجاجة الذي أوجدتنا فيه الإنقاذ وأوردتنا فيه موارد التهلكة.
دعونا نبدأ بلجان الخدمات بالحي، والتي أصبحت تحل محل (سيئة الذكر) اللجان الشعبية، فبالضرورة يجب اللا يقتصر دورها على إستخراج شهادات الوفاة والسكن وترصد النشطاء، فهذا زمان ولَى وأندثر، ليكون جزءا من عملها الأساسي مراقبة المرافق الخدمية من اماكن بيع السلع الغذائية بأنواعها إنتهاءا بجميع المرافق الخدمية بالأحياء من صيدليات ومراكز صحية وغيرها، ورفع تقارير يومية لجهات الإختصاص، وينطبق ذلك على جميع المواطنين الموظفين بالدولة، فهناك من بقايا النظام من أدمنَ الفساد والإفساد، ومثال لذلك التسيَب في مواعيد الحضور والإنصراف، إستغلال النفوذ، الشلليات، التباطوء في إنجاز الأعمال، الخروج أثناء ساعات العمل الرسمية لأداء الواجبات الاجتماعية التي جعلت من مرافق الدولة مناطق شدة ومساحات خدمية طاردة للمواطن، إضافة للمحسوبية وإستخدام الرشوة في المعاملات، مع ضرورة منع إستخدام المكاتب ك(فترينة عرض) للبضاعة والسلع المختلفة للسماسرة والدلاليات من موظفي الدولة.
نحتاج ان نوقف التهرب من سداد ما علينا من التزامات(مستحقة) وليست التزامات الهمبتة والبلطجة التي مارسها منسوبو النظام السابق على المواطن، ووقف ما يُسمى برسوم العبور في الطرق السفرية والمعابر، ورسوم مخالفات المرور داخل المدن التي تُدفع عبر إيصالات وهمية يذهب جزء منها لجيوب منسوبي هذه القوات، اضافة إلى محاربة الرسوم التعجيزية لإستخراج رخص السيارات الخاصة والعامة ورسوم ترخيص السيارات الباهظة والتي دفعت بالكثيرين لمخالفة القوانين والقيادة بدون ترخيص سياراتهم وبدون رخصهم الخاصة.
نريد محاربة ما يُسمى إستهبالا برسوم العتب والنفايات وغيرها من المكوس والجبايات التي هدَت حيل المواطن المهدود أصلا. نتمنى أن نكون صادقين مع انفسنا لنطبق المدنية التي حلمنا بها ودفعنا لأجلها ارواح غالية مهرا حرا من خيرة شباب الوطن، لذا فلابد ان نكون أكثر حرصا على محاربة كل هذه الظواهر السالبة والإبتعاد عن كل ما يقربنا من النظام البائد.
نعم الامر ليس بالهين ولا السهل، وما افسده نظام 30 عاما، لا تصلحه ثلاثة ايام ولا شهور ولا حتى اعوام، ولكن وطالما الارادة والعزيمة وعقيدة التغيير موجودة، فليس هناك عسير، وحملة حنبنيهو التي أطلقها قبل أشهر تجمع المهنيين وعدد من النشطاء، لا تعني نظافة الاحياء ومعالجة الطرقات ودعم النسيج الاجتماعي فقط، بل تشمل نظافة مؤسسات الدولة من كافة اللصوص والسماسرة من كبار الموظفين والمسؤولين، ومحو آثارهم التي جعلوها معيارا ومقياسا للولوج والترقي في الخدمة المدنية، وذلك بالتبليغ الفوري عن كل من يثبت تورطه في ايَا من مظاهر الفساد المذكورة سابقا، أو تعمَد تعطيل دولاب العمل دون اسباب مقنعة.
ما ينتظر الدولة المدنية الكثير لتبلغ الحلم، وما ينتظر الثوار من ابناء الوطن في الخدمة المدنية الكثير جدا حتى نصل بلصوص المال العام والخدمة المدنية إلى مرحلة الفطام.
الجريدة