المتغطي بالزمن
———-
صباحكم خير _ ناهد قرناص
المتغطي بالزمن
طلاق مؤسس مايكروسوفت قيل عنه انه أهم خبر اجتماعي في هذا العام ..اما طلاق مؤسس أمازون فقد شغل الدنيا والأسافير العام المنصرم ..ما ان أعلن بيل قيتس خبر طلاقه من ميليندا ..الا واشتعلت الوسائط الاجتماعية ..تعلن عن الغنائم التي ستحوز عليها ميليندا ..فالقانون يمنحها نصف الثروة ..وتم تقدير ما ستتحصل عليه حوالي 79 مليار دولار .. و(حصوة ملح في عين الما بصلي على النبي)..
كل العالم انشغل بالطلاق والعائد المادي الناتج عنه ..ترى ما الذي كان يدور في خلد ميليندا وبيل ساعتها ؟؟ تذكرت عبارة لجوليا روبرتس في فيلم (نوتنغ هيل ) ..عندما قالت (كلما جرحني أحدهم وكسر قلبي ..وجدها الاعلام فرصة لجني الاموال عبر تداول خبر طلاقي) ..تأملت صورة قديمة لهما (بيل وميليندا) تجمعهما في تدشين احد أعمالهما الخيرية التي تصل تقريبا الى أغلب بقاع العالم …ترى هل كان يدور في رأس احدهما ان الزواج بينهما لن يستمر الى الابد ؟ ..اتضح ان الأبد له حدود ..فهي الكلمة التي نقولها دون ان نعي ..ان للاقدار تدابير أخرى ..واتضح فعلاً بما لا يدع مجالاً للشك ان المثل القائل (المتغطي بالزمن عريان ) مثل صحيح مائة بالمائة ..فزواج بيل وميليندا تجاوز عمره 27 عاماً ..وبعد ذلك افترقا ..
قرأت تفسيراً لانتهاء العلاقات الطويلة فجأة .. بنك للمشاعر .نعم هذا هو اسمه ..بنك معنوي له كل تعاملات البنوك التي نعرفها ..ايداع وسحب ..وديعة ..وادخار .. ..كل العلاقات لا تستمر بدون رصيد للمحبة والمودة في هذا البنك ..مع مرور الأيام تكثر السحوبات ..يمر الشريكان بمواقف تستدعي توقيعات شيكات تسحب من رصيد المودة ..ربما احتاج الأمر لكسر الوديعة ..او سحب كل المدخرات ..لو لم يسارع أحدهم بايداع رصيد جديد ..سيتم اغلاق الحساب ..وإشهار الافلاس ..اذكر انني قرأت في مقابلة مع دكتور مجدي يعقوب طبيب القلب المعروف ..عند سؤاله ما هي أكثر الأشياء التي تسبب ارهاقاً للقلب ..لم يقل ارتفاع الكولسترول او السكر او الضغط ..لكنه قال (الحزن) ..المشاعر السلبية هي أكثر الأشياء التي ترهق القلب وتجعله فاقداً للرغبة في الحياة .
بنك المشاعر لا يعترف بحجم الأموال التي في رصيدك ..او موقفك المالي في البورصة ..ولا بكم العقارات التي تحمل اسمك ..يعرف فقط حجم المودة الذي تحمله لشريك الحياة ..كم المحبة الذي تبذله لرفيق الدرب.. الكلمات الطيبة التي تقولها لمن يهتم بك ويقتطع من عمره زمناً خصيصاً لك ..هذه هي الأرصدة الحقيقية ..هذه هي التي ترفع حجم الحساب ..ولا تجعله يؤول الى الصفر ..وتجعلك تخرج دفتر الشيكات بكل ثقة وتسحب شيكاً على بياض ..بكل ثقة ..لأنك بالأمس أودعت رصيداً لا بأس به من المودة والكلمة الطيبة.
أغنى أغنياء العالم مثل بيل قيتس ..يرتفع رصيده المالي عقب كل دقيقة تمضي ..يجتهد في احراز المركز الأول في ترتيب أغنى شخص كل سنة ..هذا الملياردير ..كان فقيراً في الناحية الأخرى ..فشل في المحافظة على رصيده في بنك المشاعر ..ظل يسحب منه..يوما بعد يوم ..عاماً بعد عام ..حتى نفد الرصيد ..انتهت كل المشاعر الجميلة ..ولم تبق الا الذكريات السيئة ..فكان الفراق ..
ابذلوا المحبة لمن رافقوكم الدرب
قولوا كلاماً طيباً لمن لازموكم طوال العمر
اظهروا المودة لهم ..الآن قبل فوات الأوان ..ارفعوا الارصدة في بنوك المشاعر ..فهي غالية ..وان كانت لا تكلف شيئا.. غير ابتسامة والكثير من الود.