انفجرت وزيرة الخارجية الطبيبة مريم الصادق من الغضب من تجاوز الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية لها وذهابه لمقابلة السفير الأثيوبي في الخُرطوم، والذي رفضت بلاده الخروج من الفشقة إلّا بقوة السلاح مع رفضها لأي اتفاقية تنسِب الفشقة للسودان، ويبدو أنّ الدكتور جبريل يُفكِر بطريقة أخرى يرى فيها بعض الحل للمُشكلة الاقتصادية التي يُعاني منها السودان وحكومته الانتقالية، والتي وافق جبريل طائعاً على المُشاركة والإمساك بأهم ملفاتها واستلامه لحقيبة المال فيها، واتضح أنّ الطرف الأماراتي الذي دخل كوسيط بين السودان وأثيوبيا أخبر جبريل بحجم الأموال التي تنوي الإمارات استثمارها في منطقة الفشقة في حال موافقة السودان على التراجُع منها عسكرياً إلى النقطة التي تحرك منها.
ثمانية مليارات من الدولارات الأمريكية يسيل لها اللُعاب وقد صرّح جبريل بأنّ الأمارات تنوي استثمارها في الفشقة، معلومة ذكرها جبريل الذي يبحث عن ما يدعم به خزينته الخاوية وما قد يُجنبه الفشل في مُهمته وقد عوّل الرجُل على النجاح فيها بأي وسيلة لتثبيت أرجله في عالم السياسة المُضطرب ، لم يُبالي بمريم المهدي ولم يأخُذ الإذن من قيادات حكومته التي تُدافع قواتها المسلحة اليوم عن الفشقة وما زالت تُطارد في من يحتلونها اليوم من الأحباش، وحديث البُرهان القاطِع بأن لا مجال للاستثمار في الفشقة وأرض السودان فيها مُتسع للاستثمار دليل قاطع على رفضه لتحركات جبريل وعلى رفضهم الضمني لعرض الأمارات الملياري.
ويبقى السؤال لماذا الفشقة ولماذا لم تُفكِر الأمارات الدخول بمثل هذه المبالغ للاستثمار في بقية مناطق السودان الأخرى وفيها ما هو أهم وأفضل من الفشقة..؟
لماذا كُل هذا السخاء والكرم الفياض ولمصلحة من..؟
هل ما بينها وأثيوبيا يستحق المُغامرة بكُل هذه الأموال ..؟
مرحباً بالأمارات وغيرها للاستثمار عندنا وجميع مناطق السودان الغير مُتنازع عليها مُشرعة للجميع للاستثمار الآمن فيها، بداية من مشروع الجزيرة العملاق وبقية المشاريع القائمة الزراعية والصناعية، ولدينا المزيد في كُل المجالات الأخرى ، إن كان المطلوب حقاً هو الاستثمار للفائدة الاقتصادية بعيداً عن السياسة ودهاليزها المُظلمة، أمّا الاستثمار والاصطياد في المياه العكرة فقد نال السودان نصيبه منه من قبل، وما جاءت الثورة إلّا لوقف النزف الذي طال أمده، ولسد كُل المصادر والمنافذ التي قد يتسرّب منها الصراع من بعد إلى بلادٍ أقعدتها المطامع، وضيُعت طموحات الساسة في الداخل والخارج مُكتسبات أهلها.
على جبريل أن يبحث بجدية عن ما يملأ به خزينته وما في بلادنا من موارد يكفينا شر المذلة إن أحسنتُم استثمارها ، وبيع أراضي الفشقة لن يحل المُشكلة بل سيجعلها أكثر تعقيدا ، وسنفقد بها غداً سيادتنا على هذه الأرض الغالية المُغتصبة التي استرخص في سبيل إعادتها لحُضن الوطن بعض أبطالنا أرواحهم.