في وقت سابق اشارت قوي الحرية والتغيير في تصريحات لبعض قياداتها الي تبرئة قوات الدعم السريع من قضية فض الاعتصام، ويبدو ان شهر عسل بدأ بين الجانب العسكري والمدني داخل الحكومة الانتقالية والمجلس السيادي، وهذا ما تشير اليه التصريحات التي اخذت منحى لصالح قوات الدعم السريع التي يمثل قائدها حميدتي نائباً للمجلس السيادي, بعد اتهامات عديدة سابقة تركزت جلها حول دور الدعم السريع في فض اعتصام القيادة العامة وتسببه في استشهاد عدد غير قليل من الشهداء.
واعلن الناطق الرسمي باسم الدعم السريع العميد جمال جمعة أمس الأول، انه تمت تبرئة الدعم السريع من قبل اللجنة العسكرية والنائب العام ولم يتبق لهما إلا انتظار لجنة نبيل اديب، واشاد بتصريحات قيادات قوى الحرية والتغيير ووصف اشادتها بقوات الدعم السريع بأنها كلمة حق كان يجب ان تقال منذ وقت مبكر، وقال في تصريحات لـصحيفة (الصيحة) الصادرة امس، انه التمس العذر لقيادات قوى الحرية والتغيير التي كانت تمتلك المعلومة، ولكنها وجدت أن الوقت لم يكن مناسباً للادلاء بذلك، والآن جاء وقتها على حد تعبيره.
وقال انهم في انتظار تقرير اللجنة الوطنية بقيادة المحامي نبيل اديب حول حادثة فض الاعتصام، واشار الى تبرئة الدعم السريع من قبل لجنة الجيش ومن قبل النائب العام، وقال ان هذين التقريرين كانا في صالح الدعم السريع ولم يتبق لهم الا انتظار لجنة اديب، فإلى اي مدى يمكن لهذه التصريحات في هذا الوقت ان تؤثر في اداء وعمل لجنة اديب؟ وما هو الاطار القانوني المسموح فيه بالادلاء بهذه التصريحات ومازالت اللجنة تعمل؟ وما هي مدلولات تصريح قيادات قوى الحرية والتغيير؟
مجاهد عثمان المحامي اعتبر اية تصريحات من اية لجنة تمارس عملاً قضائياً او تصرح في قضية معروضة امام النيابة سواء نيابة او لجنة مختصة بالتحقيق واية تكهنات بنتائج عملها، يعتبر عملاً مؤثراً في سير العدالة وغير مقبول من الناحية القانونية, وأشار عثمان الى أن الشراكة الحالية بين الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير ووجود حميدتي على رأس السيادي له تأثير كبير لا يمكن تخطيه. وفي ما يختص بالتبرئة من قبل النائب العام، اشار عثمان الى انه تمت تسريبات سابقة بهذه التبرئة بأن تم القبض على عدد من الضباط في الدعم السريع بقيادة لواء، وان التعليمات بفض اعتصام القيادة اتت منهم بصورة مباشرة دون علم قيادة الدعم السريع بالاشتراك مع بعض التيارات والكيانات الاخرى، وربط عثمان بين ذلك والتصريحات التي تم الادلاء بها في اوقات سابقة سواء من لجنة اديب او بعض المهتمين بالشأن السياسي، وان الموافقة تمت على فض منطقة كولمبيا وانجرفت مما ادى الى فض الاعتصام، مما يدلل على تورط جهات اخرى.
وسار الخبير القانوني طارق مجذوب من الناحية القانونية في ذات سير المحامي مجاهد عثمان، ورأى انه ليس من الصحيح القول ان لجنة التحقيق برأت او ادانت اي شخص، لأن اللجنة تتقصى الحقائق وتتقدم بالتوصية المناسبة لدى ذوي الأمر من واقع الحقائق التي توصلت اليها، فاللجنة يمكن ان توصي باحالة الملف الى النيابة للنظر في البينات الاولية التي تؤسس لتحريك الدعوى الجنائية، كما يمكنها التوصية بحفظ الاجراءات لعدم وصولها الى حقائق تكفي لمثل هذا الاجراء، وفي الحالتين لا تعتبر نتائج لجنة التحقيق بمثابة براءة بحيث تغلق الملف أمام اجراءات جنائية في ذات الموضوع، ولنقل تحريك الموضوع امام اللجنة المستقلة برئاسة اديب.
اما من حيث التأثير في قناعة اللجنة فلا ترقى اللجنة المستقلة الى مستوى الجهة القضائية، بحيث تعتبر التصريحات والتحليلات مستثناة من حرية التعبير وفقاً للمبدأ الدستوري المعروف بـ (قيد النظر)، والهدف من هذه القاعدة هو ان الدعاوى المعروضة امام القضاء يمتنع على الاعلام تناولها بالمناقشة والتحليل، والهدف هو تعزيز استقلال القضاء بتجنب التأثير في قناعة القاضي، ويشمل ذلك وكيل النيابة في مرحلة التحقيق، بل يمكن القول ان مثل هذه التصريحات اذا تم رصدها ومضاهاتها بتصريحات سابقة او لاحقة، يمكن ان يظهر فيها من التناقض ما يخدم التحقيق امام اللجنة المستقلة، ولا بد أن نذكر ما اوضحه رئيس اللجنة المستقلة من ان المسؤولية الجنائية التي تسعى اللجنة الى تحديدها لا توجه الى كيانات وانما الى اشخاص، وبذلك يكون التصريح بتبرئة جهاز او فصيل من الاجهزة او القوات قولاً مجافياً لحقيقة مهام اللجنة المستقلة.
احد المختصين القانونيين قال ان قرارات لجان التحقيق دون عرضها على النيابة العامة ودرجاتها المختلفة حتى النائب العام وعرضها على المحكمة وتصدر حكمها، لا تكتسب حجة الأمر المقضي فيه، حتى يتم الدفع بسبق البراءة أو الإدانة.