بدأت بوادر حلحلة في الأزمة السودانية استجابة للوساطات الأميركية والأفريقية على ما يبدو، حيث دعت «قوى إعلان الحرية والتغيير» لتعليق «العصيان المدني ورفع الإضراب السياسي حتى إشعار آخر».
وجاء ذلك بعدما كشف قيادي في «الحرية والتغيير» أن المعارضة تعتزم ترشيح ثمانية أسماء لعضوية «مجلس السيادة» الانتقالي بينهم 3 نساء، وعبدالله حمدوك، الأمين التنفيذي السابق للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، رئيسا للوزراء، في وقت قالت «الخارجية الأميركية»: إن الشعب السوداني يستحق حكومة مدنية تحقق مصالحه.
من جهة اخرى، اعتبر تجمع المهنيين أن «ترويج المجلس العسكري لأكذوبة لجنة تحقيق في مجزرة القيادة العامة محاولة للتملص من الجريمة وكسب الوقت وامتصاص غضب جماهير شعبنا». واتهم التجمع المجلس العسكري بمواصلة «المجازر»، ولفت إلى أنباء عن سقوط قتلى وجرحى جراء «هجوم ميليشيات الجنجويد على سوق منطقة دليج التي تقع بولاية وسط دارفور.. بعد استجابة مواطني دليج للعصيان المدني».
وكان المجلس أعلن في ساعة متأخرة أمس الأول، أنه تم احتجاز «عدد» من الجنود في أعقاب مقتل العشرات من المتظاهرين السلميين في فض الاعتصام.
وذكر المجلس في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سونا) أنه تم العثور على «أدلة أولية» ضد عدد من عناصر القوات النظامية الذين تم وضعهم بعد ذلك في الحجز العسكري، قبل إحالتهم إلى السلطات القضائية بشكل عاجل.
وقبل اعلان تعليق العصيان المدني، بقيت أبواب المحلات التجارية مغلقة في الخرطوم أمس، وبدا أن السكان يلازمون منازلهم في ثالث أيامه.
وعادت خدمة الإنترنت للعمل في السودان بعد انقطاع لساعات عن كل أجزاء البلاد.
وذكرت وكالة فرانس برس أن حافلات النقل العام كانت تنقل الركاب في بعض أجزاء الخرطوم، ولكن المركز التجاري في وسط العاصمة مغلق، فيما عدد المارة في الشوارع أقل من العادة.
وقال ابراهيم عمر، الموظف في إحدى وكالات السفر والسياحة، لفرانس برس «خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، فقدنا الكثير من المال. ليس في مقدورنا فعل شيء».
وقالت إحدى المحتجات إشراقة محمد من جهتها: إن حملة العصيان المدني «ناجحة»، مضيفة «أظهرنا أننا يمكن أن نفعلها… إنها طريقتنا السلمية».
وتابعت «مثل هذه الحملة لن تتسبب في قتل المحتجين، وفي الوقت نفسه تضع ضغطا على المجلس العسكري. سنواصل على هذا النهج حتى نحقق أهدافنا».
وفي الأثناء اتهم ياسر عرمان، نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان/ قطاع الشمال، المجلس العسكرى بترحيله من البلاد رفقة قياديين اثنين آخرين، «خشية أن تقوم الحركة بتوحيد قوى الحرية والتغيير خلف المطالب التي رفعتها الثورة السلمية في البلاد».
وكانت سلطات الأمن أبعدت إلى جانب عرمان كل من أمينها الحركة العام إسماعيل خميس جلاب، ومتحدثها الرسمي مبارك أردول، إلى عاصمة جنوب السودان جوبا، بعد الإفراج عنهم.
سياسيا، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن مساعد وزير الخارجية لشؤون أفريقيا تيبور ناج سيزور الخرطوم خلال الأيام القليلة المقبلة للدعوة إلى «استئناف» الحوار بين المجلس العسكري الحاكم والمعارضة.
وقالت في بيان إن زيارة ناج إلى السودان تندرج في إطار جولة أفريقية، مشيرة إلى أنه سيدعو في الخرطوم أيضا إلى «وقف الهجمات على المدنيين». وأوضحت أن جولة ناج ستتخللها محطة في أثيوبيا حيث مقر الاتحاد الأفريقي، يبحث خلالها مع مسؤولي الاتحاد الأفريقي «الجهود المبذولة لدعم حل سياسي» في السودان.
قي غضون ذلك، أكد «تجمع المهنيين السودانيين»، وجود توافق كبير بين قوى إعلان «الحرية والتغيير» على المرشحين لمجلس السيادة ورئاسة الوزراء.
وأشار التجمع، في بيان، نشره على حسابه على موقع فيسبوك، إلى «وصول مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير إلى توافق كبير حول مرشحيها لمجلس السيادة ورئاسة مجلس الوزراء».
ولفت إلى أن «الإعلان عنها سيكون في الزمان المناسب ووفق تطورات الأحداث».
وكانت المعارضة أوقفت المحادثات مع المجلس العسكري، في أعقاب فض اعتصام المعارضة أمام القيادة العامة للجيش الأسبوع الماضي بالقوة، وهو ما أسفر عن مقتل العشرات. ولم يتضح ما إذا كان إعلان التجمع التوافق على المرشحين يعني احتمال استئناف المحادثات مع المجلس العسكري قريبا.
ونقلت «رويترز» عن أحد قياديي «الحرية والتغيير» أن المعارضة تعتزم ترشيح ثمانية أسماء لعضوية المجلس الانتقالي، كما سترشح اقتصاديا بارزا لرئاسة الحكومة.
ويبدو أن الخطة تقوم على اقتراح طرحه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال زيارة للخرطوم الأسبوع الماضي بغرض الوساطة، وقد تساعد على كسر جمود قائم بين المجلس العسكري والمعارضة المدنية في مسعى للاتفاق على سبيل للانتقال إلى الديموقراطية.
وخلال مهمة الوساطة اقترح رئيس وزراء اثيوبيا مجلسا انتقاليا من 15 عضوا منهم ثمانية مدنيين وسبعة من ضباط الجيش لقيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية.
وصرح قيادي في المعارضة بأن قوى إعلان الحرية والتغيير تعتزم ترشيح عبدالله حمدوك، الأمين التنفيذي السابق للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، رئيسا للوزراء.
وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه في حديثه لـ «رويترز» إنها ستعلن أيضا ترشيحها لثمانية أعضاء بالمجلس السيادي من بينهم ثلاث نساء.
وكانت مصادر من المعارضة قد قالت ان مساعدا لرئيس الوزراء الاثيوبي يتنقل بين الجانبين لمحاولة الوساطة للتوصل لاتفاق بعد زيارة آبي للخرطوم والتي استغرقت يوما واحدا.