لا يمكن أن تمضي سياسات الإصلاح الاقتصادية التي أقرتها حكومة السيد معتز ولا خطوات محاربة الفساد التي بدأها السيد الفريق صلاح قوش دون مقاومة من الانتهازيين الرأسماليين الطفيليين. كان ذلك متوقعاً ولذا طلبنا منذ أول يوم أن تسعى الدولة لحماية وحراسة سياساتها من التخذيل والتخريب.
منذ أن أطلقت السياسات بدأ سوس التشكيك ينخر في عظامها، قالوا إن السياسات الجديدة مجرد فقاعة في الهواء لن تستطيع الحكومة تطبيقها، ثم قالوا إن آلية صناع السوق ستنهار تحت ضغط السوق الموازي وراهنوا على فشلوا كل السياسات، ولما رأوها تمضي بجد بدأوا التآمر والحرب العلنية والمخفية عليها.
2
حين أمر سيادة رئيس الوزراء البنوك بأن تعمل ماكينات الصراف الآلي على مدار الساعة وتُغذى بالكاش دون توقف، أبدت بعض البنوك مقاومة لإفشال تلك الخطوة وكأنها تعمل “طابور خامس” ضد القرار، فحين ذهب الناس لماكينات بعض البنوك وجدوها فارغة، ولا مليم، رغم أن تلك البنوك استلمت الكاش من بنك السودان، حين حاول رئيس الوزراء معاقبتهم بدأت الأعذار والوساطات فتراجع السيد رئيس الوزراء عن العقوبات المستحقة لتلك البنوك. النتيجة التي نشهدها الآن هي خروج مزيد من ماكينات الصرف الآلي من العمل بدعوى الأعطال تارة والشبكة أخرى وعدم وجود سيولة، الغرض من ذلك هو هزيمة السياسات.
3
أعلن السيد رئيس الوزراء عن عزمه على إلغاء القرار الغبي الخاص بالنقل، والذي منع الشاحنات من العمل بالمقطورة بسبب أنها تزيد الحمولة على الشوارع!! أول من رحب بالفكرة هم المصدرون، لأنها سترفع عنهم تكاليف لا داعي لها. ولكن انظر للولوة التي حدثت، وزير النقل لم يتفاعل ولم يصدر القرار الصحيح بالسرعة اللازمة رغم توجيهات الوزير الأول، وبدأ التآمر والتخذيل لمنع صدور أي قرار.
بالأمس قال السيد صادق سوار الذهب الأمين العام لاتحاد غرف النقل )الرجوع للعمل بنظام الترلة والترلتين بحاجة لاجتماع الجمعية العمومية لغرفة النقل.( عجيبة، وهل الجمعية العمومية تلك هي التي أصدرت وفرضت قرار الترلة الواحدة على أصحاب الشاحنات حتى تتراجع عنه اليوم بناءً على قرار جديد!؟. القرار كان لوزير النقل واليوم يمكن أن يتراجع عنه وزير النقل الجديد بدون أي حرج. لم يكتفِ السيد سوار بذلك ولمزيد من اللولوة والالتفاف على الفكرة، قال )العمل بنظام الترلتين بحاجة إلى 250 مليون دولار لشراء ترلات جديدة( شوفتو كيف!!.. العجيب أن الترلات القديمة مجدوعة في الشوارع والذين يمرون بشارع )الهوا( بالخرطوم يرون مئات من الترلات على قارعة الطريق. كل ذلك لا مصالح تماسيح كبار في مجال النقل ستتضرر من العمل بنظام الترلتين، وفي خضم تحقيق المصالح الذاتية الضيقة تنسف أي مصلحة للبلد وترتفع تكاليف الصادرات وتخسر البلاد ملايين الدولارات، لأن غرفة النقل تعمل بجد لهدم السياسات التي تقرها الحكومة، والأعجب أن الحكومة تتفرج!.. إذا لم تحمِ السياسات والقرارات لن يتوقف المتآمرون عن فك عريها واحدة واحدة كل يوم وما ستحصده الحكومة هو الرماد لا الدولارات المنتظرة.