عن الأستاذ حسين خوجلي….
هناك مرحلة عمرية يصلها الإنسان، يزهد في أشياء كثيرة كان مولعا بها في الصبا والشباب الباكر، المغالطات والجدل السفسطائي، محاولة إثبات صحة وجهة النظر بأي طريقة، المهاترات، سرقة انتباه الناس…الخ
كنت أظن أن الأستاذ حسين خوجلي قد وصل هذه المرحلة، أو تجاوزها بقليل، وغذته السنوات ببعض الحكمة والمعرفة، لا لتغير قناعاته بالضرورة. لكن لتلهمه وسائل وأدوات تعبير أخرى، تليق بالعمر والتجربة، وبهيئة شيخ العرب، التي تشي بالحكمة والفطانة البدوية المعروفة.
لكن يبدو أن الأستاذ حسين خوجلي غير قادر على تجاوز محطة أركان النقاش في جامعة القاهرة الفرع في السبعينات وأوائل الثمانينات، ولا يزال يظن أنه يحتفظ بهيئته تلك وبنفس الجمهور المتجمد عند تلك اللحظة.
لا تزال التعبيرات المبتذلة والمنطق البايخ والجدل والمغالطات والقفز فوق الواقع والهروب من اللحظة التاريخية هم أساس حديث حسين خوجلي.
حكاية الشيوعيين والبارات ودعم الكنائس وملايين الدولارات التي كانت تبهج كيزان السبعينات، لم تعد تثير حماستهم، ولا تلفت انتباهتهم. لقد عاشوا ودخلوا دهاليز السلطة وعرفوا أو رأوا الأخوان الآخرين يغرفون من خزائن الثروات بلا حسيب ولا رقيب. لقد ذهبوا وقاتلوا وماتوا وفقد البعض عقله ومستقبله، لتذهب الثروة إلى كروش بعض الأخوان وعماراتهم واستثماراتهم في الخارج، ورأوها ذهبا في أيدي زوجات الأخوان ودما وشحما في وجوه و( جضوم ) قيادات الأخوان المجاهدين، وكوميشينات من حر أموال الخواجات، بل من لحمنا ودمنا.
إن لم تكن هذه الخزعبلات تثير انتباه اخوتكم فهل تظن أنها ستثير انتباه باقي قطاعات الشعب السوداني.
المطلوب بحسب خطابكم، أن لا ننظر إليك، وأنت تمتلك جريدة وإذاعة وتلفزيون ومنزلا فاخرا بالطائف وشقق وبيوت وسيارات ومكاتب، وبسطة في الجسم ولا حسد، ثم نذهب لنسأل الشيخ الثمانيني صديق يوسف الساكن في منزل الأسرة في زقاقات امدرمان، والذي يكاد جلده يلتصق بعظامه، عن مصير ملايين الدولارات …?
إن فقدنا الأمل أن تمد الأيام والسنوات الشيخ حسين خوجلي بالحكمة والمعرفة، فلم نفقد الأمل في الأخوان من أفراد الأسرة والأصدقاء أن ينصحوا الرجل وينصروه ظالما، كما أوصانا ديننا، فيردوه عن الظلم، أو ( يودوه الضل) …فما يصدر عنه هذه الأيام لا يليق باسمه ولا عمره ولا تجربته ولا هيئته.