أكثر المواقف التي كشفت حقيقة تعامل الشرطة والقوات الأمنية مع التظاهرات والاحتجاجات الأخيرة، هو ذلك الفيديو الذي وثق لحظات اقتحام قوات الشرطة للمستشفى، وسحب المرضى بالقوة وحرمانهم من العلاج ، هذا الفيديو لن ينساه مدير الشرطة كونه اول حادثة منبوذة تضعه في موقف لا يحسد عليه ، فالفريق عنان جاء خلفاً لسلف وجهت له اتهامات مباشرة بقتل المتظاهرين ، من قبل رئيس المجلس السيادي ونائبه ، فمجيء عنان لقيادة الشرطة ، كان يجب أن تكون بداياته افضل بكثير ، لكنه فشل في تغيير الانطباع العام عند الشارع الثوري الذي يرى ان الشرطة تبالغ كثيراً في تصرفاتها القاسية وأسلوبها العنيف مع المتظاهرين ، فمجيئه كان يجب ان يكون بداية صفحة بيضاء مع الشارع ولكن قلنا من قبل ان الشرطة لن تتخلى عن طبعها بتخلي المدراء لمواقعهم .
وعلى خلفية الفيديو المهين وجه رئيس الوزراء د عبد الله حمدوك القائد العام للشرطة بإجراء تحقيق فوري حول انتهاكات الشرطة خلال مواكب (30) نوفمبر والتقصي حول مقطع الفيديو المتدوال في منصات التواصل الاجتماعي السودانية واقتحام الشرطة لاحدى المستشفيات بالعاصمة الخرطوم ، وبما ان حمدوك طلب تحقيقا فوريا ، إذا ماهي نتائج التحقيق ، علما بأن افراد الشرطة الذين تم تكليفهم لحماية المظاهرات او فضها ، لن يكون صعباً على القادة كشفهم ولو بالاسماء ، ولن يكلفهم هذا ساعة من الزمان ، فالشرطة كان لها ان تعقد مؤتمرا صحفيا تكشف فيه عن اسباب استخدامها المفرط للغاز المسيل للدموع الذي تسبب انفجار احدى عبواته في بتر يد ثائر، كما ان لجنة الاطباء كشفت عن عشرات الإصابات ، في احتجاجات ٣٠ نوفمبر سيما ان الشرطة تم توجيهها من قبل الدكتور حمدوك على ان لانستخدم العنف ، وان تغير نهجها في التعامل مع الشارع ، هذا اولاً ، يليه ان الاحداث عجلت برحيل مدير الشرطة السابق ، فكان لعنان ان يعلم جيدا ان المهمة التي تنتظره ليست بالسهلة ، فمدير متهم بقتل المتظاهرين كيف للذي يعقبه وفي اول اختبار له يدخل عشرات المصابين من الثوار المستشفى.
لذلك ان اختبار الفريق عنان في مشواره ، هو تقديم افراد الشرطة لمحاسبة عاجلة ، لدخولهم في معارك ومواجهات مع الثوار وتسببهم في إصابة عشرات المتظاهرين ، اما افراد الفيديو الذين انتهكوا حرمة وخصوصية المرضى ، ولم يسمحوا للمصابين بالعلاج ولم تنفع توسلات المصابين ومرافقيهم ، وضربوا بكل القيم عرض الحائط ، فيجب ان لا يمر هذا التصرف دون حساب وعقاب ، ويجب ان لاتصمت قيادات الشرطة عليه ،وتنتظر موعد آخر للمواكب لتقدم عروض جديدة ، وتصبح مثل هذه الأساليب عادة تنتهي فيها مطالبات المحاسبة بانتهاء المواكب ، لذلك أن الفريق عنان لابد ان يكشف عن وجه الشرطة في عهده في مستقبل ايام آتية ، فإن كانت سياسته هي ذاتها سياسة المدير السابق إذاً ماجدوى الإحلال والإبدال ؟!
طيف أخير :
يميل الناس إلى المبالغة في كل شيء، إلا أخطائهم يرونها لا تستحق النقاش.