نعم، السودان الدولة، السودان التأريخ والتجربة، السودان الوعي والمعرفة…أكبر من هذه التجارب الباهتة.
تجربة المجالس التنسيقية ليست بالفكرة الجديدة فهي موجودة في السعودية والبحرين والاردن والجزائر وسورية وحضرموت اليمن ودول أخري كثيرة…ولكن…وتلك هي المفارقة.
: في السعودية ، تقوم هذه المجالس بمهمة التنسيق بين الجمعيات الخيرية…والسودان ليس جمعية خيرية بل دولة كاملة السيادة وتحكمها وثيقة دستورية تم التوافق عليها لتحكم خلال الفترة الانتقالية.
وفي البحربن ، توجد مجالس تنسيقية ، للتنسيق بين محافظات المملكة الخمسة حتي لا تتعارض المصالح…والسودان ورغم كل تجارب المحن التي مر بها، الا انه لا يزال هو صاحب التجربة الأفضل في نظم الحكم المحلي رغم اتساع رقعته الجغرافية وتعدد قبائله وتنوع ثقافاته المحلية.
وفي الأردن ، تقوم المجالس التنسيقية بمهام استشارية خدمية ولاتمتلك سلطة القرار، بل تقترح فقط بما تراه مفيدا لتطوير الخدمات…
وهكذا الحال، في الجزائر وسوريا وحضرموت …وكلها مجالس تنسيقية تحكمها اللوائح وليس القرارات السيادية…ولا اجد سببا واحدا لنقل مثل هذه التجارب ، فالسودان قد تعدي مرحلة التجريب وتجاوزها منذ عهد
(المجلس الاستشاري لشمال السودان) في ثلاثينيات القرن الماضي و( الجمعية التشريعية) التي تم تأسيسها في الاربعينيات من القرن ذاته…وقد رفضها الشعب السوداني حينها وعلي رأسه سلطة استعمارية جائرة…لقد أخطأ ناقل التجربة ولم يختار المكان ولا الزمان ولا الارث المعرفي التراكمى المناسب للتطبيق.
لقد كنا ندرك، وغيرنا يدرك ، وقد كتبوا في ذلك الكثير والصريح المباشر، أنه ومع اقتراب موعد تسليم رئاسة مجلس السيادة الي المدنيين ، يجعل المكون العسكري قلقا في امكانية تقديم العسكريين الذين شاركوا في فض الاعتصام الي المحاكمات…وأن هذا الوضع يجعله يبحث عن خيارات من خلال خلق تفاهمات سياسية جديدة تلقي الوثيقة الدستورية وتخلق واقعا دستوريا جديدا ..وان الحركات المسلحة ومن خلال اتفاقيات السلام هي خير من يلعب دور الحليف البديل وبضمان بعض القوي الاقليمية ، وهذا ما يحدث الان في الساحة السياسية بغض النظر عن المسميات الهلامية…