المثل السوداني المعروف يقول (خادم الفكي مجبور على الصلاة)، ومؤداه ان من يلازم الفكي أو يقوم على خدمته لابد ان يؤدي الصلاة حتى لو لم يكن راغبا في أدائها، ويضرب هذا المثل لمن يضطر لفعل شيء أو قول شئ لا يستطيع الا أن يفعله أو يقوله ولا يمكنه التملص منه، ومثل خادم الفكي هذا، دأبت وزارة الخارجية الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، على تبرير حتى جلائطهم والدفاع عنها، ومن ذلك جليطة حميدتي الكارثية بزيارته لروسيا في هذا التوقيت الذي يشهد فيه العالم تصعيدا واصطفافا دوليا كبيرا بسبب التدخل الروسي في اوكرانيا ونذر الحرب التي بدأت تلوح في الأفق، وزيارة روسيا في مثل هذه الأجواء المتوترة، تضع زائرها أيا كانت أسباب زيارته تحت الرقابة الدولية وادراجه في عداد المصطفين خلف روسيا والمؤيدين لقراراتها المعترفة بدولتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين، كما ان زيارة حميدتي لروسيا في هذا التوقيت وفي ظل هذه الأزمة العالمية التي تشهد استقطابا حادا بين المحاور والاحلاف، ومعلوم ان روسيا تنشط اقليميا في محور (تركيا، قطر، ايران)، بينما على النقيض من ذلك يتماهى المكون العسكري من مجموعة الانقلاب مع محور (السعودية، الامارات، مصر)، وهذا ما قد يبعث برسالة سالبة لمجموعة هذا المحور، فتسؤ علاقتهم بهم ويخسرون حلفاء داعمين لهم، هذا ان لم يكن الانقلابيون قد قرروا الانتقال من محورهم السابق الى المحور الآخر المضاد له، وهي ذات لعبة السيرك التي كان يبرع فيها النظام البائد..
في مثل هذه الاجواء المشحونة بالتوتر والتربص بين روسيا وحلفائها من جانب، والغرب وامريكا وحلفائهم من الجانب الآخر، كان المأمول من وزارة الخارجية بحكم خبرتها وكونها الأقدر في قراءة وتحليل الأزمة (الاكرانية الروسية)، من حميدتي ومستشاريه وكل مجلس السيادة المعين مجتمعا، ان تعترض بشدة على الزيارة وتسعى جاهدة للاعتذار عنها والغائها، ولكن للأسف وجدنا حتى وزيرها المكلف يطير مع حميدتي صحبة راكب، بل الانكى انها ارتبكت جدا عند تصديها للدفاع عن تصريحات حميدتي الخرقاء، ففي البدء قالت ان حميدتي لم يدلي بأي تصريحات بشأن أزمة روسيا وأوكرانيا، وحين تكشف لها ان التصريحات موثقة صورة وصوت، الحقت تعميمها الصحفي الأول بتعميم ثاني، قالت فيه ان حميدتي لم يؤيد القرار الروسي المعترف بسيادة جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين، وانما تحدث بصورة عمومية عن ضرورة اتباع السبل والوسائل الدبلوماسية لحل الأزمة، وأمنّ على حق روسيا في حماية مواطنيها بما يكفله القانون والدستور، وأردفت لذلك فاننا نعتبر ان نشر ذلك التصريح بتلك الصورة يعد تشويها متعمدا وإخراجًا لحديث النائب الاول عن سياقه ومحاولة رخيصة للاصطياد في الماء العكر..
فهل يا خارجيتنا المعنية بالشؤون الديبلوماسية، حشد الجنود والاليات العسكرية واقتحامها دولة اخرى هو حل ديبلوماسي، وهل الهجمات الروسية البرية والبحرية والجوية التي ضربت اكرانيا من عدة اتجاهات وجبهات، هو حماية للشعب الروسي ام قتل لشعب آخر وتدمير لدولة أخرى..انها بالفعل حكاية خادم الفكي..