كارثة ومأساة جديدة حلت بالسودانيين وخاصة الفقراء منهم وذوي الدخل المحدود والحيل المهدود وما أكثرهم، بعدما رفعت حكومة الانقلاب أسعار الخدمات الصحية بالمؤسسات الصحية الحكومية الى أرقام فلكية، (علما بأن من يرتادون مشافي الحكومة على سؤ خدماتها هم الفقراء والغلابى) فالأثرياء لا يرتادونها ولا يغشونها، هذا غير الزيادات المضطردة والمهولة في اسعار الدواء (ان وجد)، وكأني بحكومة الانقلاب غليظة القلب متحجرة المشاعر وهي تتخذ هذا الاجراء تقول للمرضى (موتوا موتكم)، فهي غير معنية بحياة الناس وصحتهم ما ينذر ب(موت جماعي) يهدد حياة فقراء هذا البلد المنكود والمنكوب، بقدر ما أنها معنية بتوفير موارد مالية للصرف على الأجهزة الأمنية والسيادية الانقلابية والحركات الدارفورية وداعمي الانقلاب من انتهازيين وارزقية، وتأتي خطوة حكومة الانقلاب القاسية هذه تجاه الفقراء في ظل العجز المالي الكبير الذي ترزح تحته، بعد ان فقدت البلاد دعومات ومنح مالية مقدرة جمدها الداعمون والمانحون من الدول والمؤسسات المالية الدولية بسبب الانقلاب، بالاضافة الى عمليات التهريب الواسعة التي تطال موارد البلاد وسلعها ومنتجاتها على ضآلتها..
لم نتجن على حكومة الانقلاب ولم نتهمها زورا بأنها تنصب منصة موت جماعي للفقراء، فالاحصائيات عن الزيادات الخرافية التي أوردتها المراجع الطبية تثبت قطعيا هذا الاتهام، فعلى سبيل المثال أوردت رابطة الاطباء الاشتراكيين (راش)، أن اسعار الولادة الطبيعية ارتفعت من 600 جنيه إلى 11250 جنيه، وأيضا زادت اسعار العمليات القيصرية من 5250 إلى 30 الف في الكشف الموحد للأسعار، و 37 الف جنيه على أرض الواقع في بعض المستشفيات، فيما زادت التذكرة المخصصة للدخول للمؤسسات الصحية من 40 جنيه إلى 200 جنيه، وأسعار الدخول للعيادات المحولة من 150 جنيه إلى 1050، وسعر صور الأشعة من 500 الى 1500 جنيه، والموجات الصوتية من 300 جنيه إلى 2000، وارتفع سعر فحص البول والملاريا الى 100 جنيه بعد أن كان 20 جنيه، اما فحص الدم الكامل فقد تضاعف سعره ليصل 300 جنيه بعد أن كان 120 جنيه، واسعار فحص اليوريا والكرياتنين زادت من 40 جنيه الى 300 جنيه، كما أن بعض الفحوصات والصور غير متوفرة داخل المؤسسات الحكومية ويضطر المريض لاستجلابها من المؤسسات الخاصة باسعار كبيرة، وتوقعت (راش) زيادات اخرى في أسعار الأدوية نتيجة الزيادة في الرسوم الإدارية المتعلقة باستيراد الأدوية والمستلزمات الطبية بنسبة 1000%، وزيادة اسعار مدخلات الإنتاج الخاصة بالأدوية المصنعة محليا.. وبعد.. أليس بربكم ان هذا الذي اطلعتم عليه انذار بالموت الجماعي يتهدد ملايين الناس، ولم يبق للفقراء وهم الغالبية العظمى من حيلة ازاء هذا الوضع الصحي القاتم، الا أحد أمرين، اما ان لا يمرضوا وهذا مستحيل، وإذا ما مرضوا فما عليهم إلا أن يتحملوا مسؤولية مرضهم كاملة في انتظار إحدى الحسنيين، إما شفاء يهبط عليهم من السماء بقدرة العزيز المقتدر الشافي من كل وباء والكافي من كل بلاء، أو يسلمون الروح إلى الرؤوف الغفور الرحمن الرحيم .. ولا حول ولا قوة إلا بالله..