* من الغريب حقاً أن يعترض بعض النشطاء على تخصيص عربة حكومية لنقل الطالب السوداني وليد عبد الرحمن من مطار الخرطوم إلى منزله، عقب وصوله من القاهرة، بعد أن أطلقت السلطات المصرية سراحه.
* رأى المعترضون في تخصيص سيارة من مجلس الوزراء لوليد منقصة في حقه، وحاولوا منعه من استقلالها، بمسعى غريب وعجيب، وروح عدوانية غير مبررة تجاه حكومة تسيطر عليها ذات الجهة التي يتبع لها المحتجون.
* من تابعوا الملف المذكور حمدوا لسفارتنا في القاهرة أنها حرصت على متابعة ملف وليد مع وزارة الخارجية حتى أفلحت في تحريره من محبسه، وامتدحوا حرصها على تكليف اثنين من دبلوماسييها لمرافقته في رحلته المتجهة إلى الخرطوم.
* تلك المبادرة الإيجابية والاهتمام الملحوظ بأمر مواطن سوداني اعتقل في دولة أخرى أمر جديد وحميد، يستحق التنويه لا القدح والانتقاد.
* أخطر ما يواجه السلطة الانتقالية الممتدة ثلاث سنوات سيطرة روح المعارضة على ردهاتها.
* الطبيعي أن ينصرف مناصرو السلطة الجديدة إلى دعمها، وأن يجتهدوا لتقوية أركانها، ومؤازرة أنشطتها، وتحقيق أهدافها، لا أن يتخذوها خصماً، يُواجه بالهتافات العدائية، واتهامات التخوين أينما ذهب.
* لا يعيب وليد أن ينال اهتمام ورعاية حكومته، بل إن الحكومات التي تحترم مواطنيها وتُقيِّمهم تخصص طائرات خاصة لنقلهم إلى وطنهم في حالات مماثلة، وتبذل كل جهدها لرعايتهم وحمايتهم وصيانة حقوقهم من الانتهاك.
* ذات الروح الغريبة واجهت مسؤولين حكوميين، وقيادات من قوى الحرية والتغيير حرصوا على حضور مراسم دفن جثمان الشهيدين قصي حمدتو، وحسن عثمان حسن، رحمة الله عليهما، وواجهوا هتافات عنيفة في المقابر، وتم اتهامهم بالتفريط في دماء الشهداء، وخيانة عهود الثورة.
* ذلك بخلاف ما يواجهه الولاة العسكريون في بعض ولايات السودان، من مضايقات وهتافات تندد بهم، وتطالبهم بالتنحي من مناصبهم، برغم أن قوى الحرية والتغيير أقدمت على مشاركة العسكريين في إدارة الفترة الانتقالية بطوعها واختيارها، بل طلبت منهم إرجاء تعيين الولاة المدنيين إلى حين اكتمال مسيرة التفاوض مع الحركات المسلحة.
* لو استمرت تلك الروح العدائية غير المبررة فستؤول الفترة الانتقالية إلى فشل ذريع.
* صيانة دماء الشهداء والاجتهاد لتوقيف القتلة، وإحالتهم إلى المحاكم لا تتحقق بالهياج والهتافات المتشنجة، بل بعمل كبير، وجهد وفير، يفترض أن يُبذل من قبل مؤسسات عدلية، تسيطر عليها قوى الحرية والتغيير بالكامل.
* من تم تعيينهم لتولي قيادة الهيئة القضائية، والمؤسسة العدلية الرسمية )النيابة العامة( تولوا مناصبهم قبل أيام قليلة من الآن، وهم ليسوا سحرة كي ينجزوا مهامهم في لمح البصر.
* حتى الحديث المتكرر عن التحسب لفشل الفترة الانتقالية، والتحسب للفشل بانتخابات مبكرة يسهم في إضعاف السلطة الجديدة، ويدل على أن بعض قادة قوى الحرية والتغيير لا يريدون لهذه الفترة أن تبلغ مراميها، وتحقق أهدافها.
* نعيد ونكرر.. إنجاح الفترة الانتقالية يحتاج إلى تعظيم روح الشراكة، وإلى التعامل مع الملفات المهمة عبر المؤسسات التي توافقَ عليها الشريكان، لا بالهياج والإصرار على حرق اللساتك في الشوارع، ومقابلة المسؤولين باتهامات التخوين.
* أكبر خطر يواجه الفترة الانتقالية ينحصر في الإصرار على إدارتها بعقلية المعارضة المسيطرة على غالب مكونات قوى التغيير حتى اللحظة.