كنت أجلس في تلك (الهايس) وبجواري شيخ جليل، ونستمع الى احدى اذاعات ألاف ام، التي انتشرت كالنار في الهشيم، تعبير قديم ومستهلك، ولكن( الجديد شنو؟)وكان أحد المحللين السياسيين والاقتصاديين وأيضاً هو خبير عسكري (من الآخر هو محلل شامل، سياسي ثقافي اجتماعي رياضي فني عسكري،الخ)، كان يحدثنا عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية الضرورية، وزيادة جديدة في أسعار الوقود، وعرج وحدثنا عن ارتفاع اصوات القبيلة والقبلية، وحدثنا عن حوادث، كنا نقرأها في سالف العصر، في الصحف المصرية، من اختطاف شنط النساء، وعن سرقات بالإكراه والقتل من أجل السرقة، فسألني جاري بالجنب، عمك الشيخ، قائلاً، ياولدي احنا ماشين على ثورة جياع، وللا ماشين على فتن قبلية وللا ماشين على تفلتات أمنية صعبة شديد؟فقلت والله ياحاج انا ضيف في البلد دي!!، وجيت لقيت (الهايس ) دي فاضية وركبتا، وأنا زي الحكومة دي، ماعارف البلد ماشية على وين؟لكن اقول ليك حاجة كدي أسأل السواق!!
(1)
فنحن أتينا من كل فج عميق، أتينا من الأحياء والفرقان والأرياف والبنادر، اتينا على ظهر كل وسيلة نقل، اتبتا، لنشهد منافع لنا، اتينا بثورة وعي هي الأعظم في تاريخ السودان، اتيتا بثورة زلزلت اركان الفكر الظلامي والسلوك الإجرامي، ثورة نابعة من كل قلب القى السمع وهو شهيد، فكانت ساعة النصر أن هدمنا معبد الديكتاتورية العسكرية، وان توشحت بازياء المدنية والدين، فهدمنا المعبد بمن فيه، وعلى رأسه كبيرهم، المخلوع البشير، فالشعب الذي أراد حياة الحرية والسلام والعدالة، لابد أن يقدم التضحيات العظام، وفي هذه الثورة، استشهد من استشهد وجرح من جرح وفقد ومن فقد، ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا، فشعب الثورة، كان يعرف ان الطريق الى جنة الديمقراطية، شاق وصعب وعسير، ولكن تعلقت قلوبهم بضرورة التغيير، فتحقق لأمة الامجاد ما أرادت، وكنا نعلم أن ثورة التغيير ليست رواية شرقية، في نهايتها يتزوج الأبطال، ولكن ثورة التغيير، تعني على أقل شيء الوفاء لدماء الشهداء، وان يتولى الحكم من هو أحق به، وأجدر أن يقيم مثلثه المتساوي الأضلاع، حرية، سلام وعدالة، ولكن لم يتحقق من ذلك إلا النذر القليل، فمن تولوا شئون الحكم(مدنيون أو عسكريون)، هم ذاتهم لا يعرفون البلد دي ماشيه على وين، ؟ دايرين أنا الضيف القاعد ساكت أعرفها ليك ماشين على وين؟؟
(2)
ولكن مازلت الثورة تواصل مشوارها الصعب، وتتلمس وعورة الطريق، وتفرز، كما قال النائب الأول لمجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، تفرز(البيض من الحميض)مع الأخذ في الاعتبار أن كثيراً من الجيل الثالث والرابع من الشباب، يعرف البيض، ولكنه لم يتذوق طعم الحميض!!وتفرز (الني من النجيض) وتفرز العميل والخائن، من المواطن الشريف، فلا بد من فرز الكيمان، لنعرف الى اين نحن ذاهبون؟ فلم يتأخر من اراد تقدما، ولم يتقدم من اراد تأخرا، باقي سطر لنهاية المقال، أحكي ليك نكتة، ام تخرج مع الخارجين، وتدعو لتصحيح مسار الثورة؟