بلا اقنعة
زاهر بخيت الفكي
البلد مترّسة والحال واقف يا حمدوك..!!
طلب منّا أستاذ مادة الاقتصاد في أول حصة له في مدرستنا التجارية أن نُشاركه الحصة بما توفّر لنا من معلومات عن الحركة التجارية مع التركيز على سوق مدينتا الصغير، وأن نرُد بعد التداول والنقاش على سؤاله الخاص بارتفاع وانخفاض أسعار احتياجاتنا المعيشية اليومية، تفاعلنا مع الأستاذ الرائع وجاء كُل منّا بما يرى، وبما أنّ غالب مهن أولياء أمورنا كانت الزراعة جاءت الأجوبة مُتشابهة وكانت النتيجة أنّ الوفرة هي التي تتحكّم في الأسعار وحركة السوق، واتجه للسبورة وخطّ لنا عليها أهمّ نظرية اقتصادية (العرض والطلب) ولم ننسى.
ومن لم يجلس يوماً في حجراتٍ الدراسة للاحاطة بتفاصيل النظرية علمته الحياة أنّ النُدرة هي السبب الرئيس في الغلاء، والوفرة يتبعها الرخاء، وأنّى لنا بالوفرة والرخاء..؟؟؟؟
ما من شكٍ في أنّ التعقيدات الموروثة المُتراكمة عصية على الحل وتحتاج إلى جهدٍ خرافي لحلحلة (بعضها)، وقد نجحت الأنظمة (الوطنية) المُتعاقبة على حُكم السودان تتريس الطُرقات الرئيسية المؤدية لمناطق الانتاج والخارجة منها بالسياسات الخطأ، ولن تُزال هذه المتاريس من مكانها ما بين ليلةٍ وضُحاها والمُتابع للمشهد السياسي يلحظ خلو أيدي من يحكمونا اليوم من الأدوات المُعينة على إزالة هذه المتاريس العتيقة المُتحجّرة، ولا يملكون القدرة على تنظيفها من الأوساخ لتنساب المُنتجات إلى داخل وخارج السودان كما ينبغي لها أن تنساب.
ظللنا وما زلنا نتفاءل بأنّ الحل لمعضلاتنا الاقتصادية مُمكناً (لو) توفّرت الارادة، وقد أودع المولى في بلادنا من الموارد ما يكفي أهلها والغير، وما يُعينهم على العيش على ظهر أرضها في سلامٍ واستقرار مُعزّزين مُكرّمين، وفيها ما يكفي ساستها (إن) سلكوا طريق الاصلاح شر المذلة والتسوّل وانتظار عطايا الغير منحوهم أو حرموهم، وقد جاء أهلنا البسطاء بمثلٍ عميق يجب أن لا ننساه قالوا فيه أنّ (البطمعوه ما بشبع) ، وجاء قذافي ليبيا كذلك في نظريته الاقتصادية التي تضمنها كتابه الأخضر بمقولة رائعة تنطبق على حالتنا هذه جاء فيها ( أن لا حرية لشعب يأكُل من وراء البحار).
نقول لحمدوك ورفاقه بأنّ الحال قد ضاقت على أهل هذه البلاد، وأنّ البُكاء على من سبقوكم بدأ يرتفع والحنين إلى نظامهم رغماً عن سوءاته البائنة بدأ يعود إلى نفوسٍ أرهقتها المُعاناة، والمُعطيات الماثلة تدُل على أنّ حركتكم السُلحلفائية لن تصل بالبلاد إلى حيثُ يُريد ويتمنى أهلها، والحُلول عندكم ما زالت في طورِ التصريحات والآمال التي لن ولم تُشبع لنا جائعا، ولن تشفي لنا عليلاً احتوشته الأمراض واقعدته الحاجة.
الحل لم يعُد في بلِ الكيزان وحدهم بل في بل كُل عاجز عن السير في طريق العمل والانتاج لتحقيق الوفرة لبناء جُدران العُملة المحلية المنهارة ، ويقيني أنّكم لم تهتدوا بعد إلى مكان مفاتح أبواب الانتاج المُغلقة ولن تجدوها هكذا.
والله المُستعان