@ إستجابت جماهير الشعب السودانى لدعوة اعلان قوى الحرية و التغيير للإضراب العام المقرر له يومى أمس و اليوم الاربعاء . حاولت حكومة المجلس العسكرى و من يقف خلفها ، افشال الاضراب بالعقلية الشمولية و على ذات الخطى التى كان يتبعها نظام المخلوع البشير متناسين أن الاضراب حق تكفله كل الدساتير و القوانين و تجاهل المجلس العسكرى الانتقالى أن الإضراب ناجح بكل المقاييس من قبل أن يتم تنفيذه يوم أمس الثلاثاء لجهة أنه رسالة بلغت الجميع فى الداخل و الخارج . الغرض من الاضراب ليس الاطاحة بحكم المجلس العسكرى الانتقالى كما يتخيل لهم و إنما ممارسة الحق القانونى للتعبير عن رفض سياسات المجلس العسكرى بالتنكر و التملص من تسليم الحكم للمدنيين .النجاح الذى تحقق هو أن الجماهير إستعادت ثقتها فى نفسها و أنها تمارس حقها عنوة و اقتدار عبر سلاح الاضراب العام احد وسائل التعبير عن حالة الرفض باسلوب حضارى و ثورى و الاهم فى إطار السلمية .
@ الاضراب العام كشف ضعف المجلس العسكرى الانتقالى الذى ظل لقرابة الشهرين متردد فى اتخاذ أى قرار يصب لصالح الثورة و لم يحقق أى مطلب من مطالب الثوار وبالتالى قد أثبت بأنه مجلس غير جدير بحكم البلاد لسبب بسيط جدا أنه لا يملك زمام أمره و ما يزال أسير التربية الاستعمارية التى رسخت فى رجال الجيش بأنهم الصفوة و ما سواهم مجرد (ملكية) يأتون فى المرتبة التالية بعد العسكريين و لا يستحق هؤلاء (الملكية) أن يحكموا البلد التى فيها عسكر كان العسكر هم من يحق لهم حكم الجميع رغم ادمانهم الفشل فى الحكم الذى استمر لحوالى 52 عاما من جملة 63 سنة هى عمر استقلال السودان مقابل 11 عاما لسنوات الحكم الديمقراطى الذى يتربص به العسكر للاجهاز عليه و كل التجارب تؤكد بأن لا مخرج للسودان إلا بالحكم الديمقراطى الذى يتطلب الصبر و الحفاظ عليه. لاحظت الجماهير حالة (الجقلبة و الجرسة) التى عبر عنها المجلس العسكرى فى إطار إفشال الاضراب و هذه واحدة من حالات النجاح المبكرة و أن مجرد الدعوة للاضراب رسالة بلغت كل الجماهير بأن هنالك سلاح مجرب اسقط العديد من الديكتاتوريات و انظمة الحكم الشمولية .
@ يحاول المجلس العسكرى الانتقالى تحميل جهات أخرى تبعات فشله، تارة يشن هجوما على الحزب الشيوعى بأنهم المحرك الرئيسي لقوى المهنيين وقيادات الحرية و التغيير الذين يخدمون اجندتهم و بعد ما فشلوا فى اثبات الاتهام على الشيوعيين عادوا مرة أخرى بتحميل قوى الحرية و التغيير المسئولية و تصويرهم بأنهم أضاعوا فرصة لن تتاح لهم مرة اخرى بالتمتع باغلبية برلمانية و الانفراد بتشكيلة مجلس الوزراء . الجميع يدرك أن المجلس العسكرى ما كان سيوافق على ذلكم الاتفاق لأنه مجلس لا يقرر و لا يملك سلطة القرار الذى يأتيه من وراء ظهره . على المجلس العسكرى الانتقالى أن يحترم ارادة هذا الشعب الذى أضناه حكم العسكر الذين حكموه 30 عاما باسم الشريعة و افسدوا باسم الشريعة و ظلموا باسم الشريعة و تمكنوا باسم الشريعة و يريدون العودة مرة أخرى باسم الحفاظ و نصرة الشريعة التى اتخذوها وسيلة حكم و ثراء و افساد. من حق هذا الشعب أن يعلنها داوية ،لا لحكم العسكر قبل أن تستجيب المنظمات العالمية و تتضمن ذلك فى مواثيقها التى ترفض حكم العسكر و هذا وحده يكفى أن يكف المجلس العسكرى الانتقالى عن محاولاته الفاشلة بأن يجلس على سدة الحكم مهما وجد من تأييد ودعم شيوخ السعودية و سادة الامارات و باشوات مصر الذين أساءوا للشعب السودانى إساءة تاريخية بدعمهم هذا المجلس العسكرى و الوقوف ضد أى حكومة مدنية لا تدور فى فلكهم.
@ حكومة المجلس العسكرى فشلت في قراءة تحليلية واقعية لحالة الاضراب العام و إكتفت بتقارير الجهات المعادية للثورة التي ،همها أن تغرى العسكر بممارسة مزيد من الضغط و التهديد و الارهاب توطئة لتشكيل حكومة الامر الواقع لتسيير المهام و التى سترسم مستقبل الحكم للفترة الانتقالية للحفاظ على منظومة الانقاذ دون ان تطالها يد العدالة و الآن وبعد نجاح الاضراب العام ، إذا لم تفكر حكومة العسكرى الانتقالى بعقلانية و بموضوعية فسترتكب حماقة تاريخية دون أن تحرز أى خطوة للامام لجهة أن هذه الجماهير تأكد لها أن العصيان المدني والاضراب السياسي العام اسلحة مقاومة سلمية مجربة اثبتت فعاليتها في سقوط الانظمة في العالم المعاصر وفي الذاكرة حركة نقابة التضامن(السوليدارنست) التي قادها النقابي ، ليش فالينسا الذي اصبح رئيساً لبلده بولندا، مرورا بحركات الربيع العربي والتي حسم الشارع فيها جولة المواجهة مع انظمة القمع . السودان له تجارب مع سلاح العصيان المدني و الاضراب السياسي العام منذ ثورة أكتوبر وفي إنتفاضة مارس أبريل التي أعطت دروسا لكل شعوب العالم بأن الحالة الثورية عندما تنتقل للشارع يستحيل كبحها مهما كانت درجة القمع المضاد و مواكب (الردع) ، التي تتحول الي وقود يشعل نار المواجهة ويعجل بالسقوط والرحيل .
@ من حق الشعب السودانى أن يعرف ما دار فى لقاءات البرهان رئيس المجلس العسكرى الانتقالى و نائبه حميدتى فى جولاتهم الخارجية و خاصة مع ولى العهد (ابومنشار) الذى اعلن عداءه الواضح لثورتنا مهددا بإبعاد أى سودانى من السعودية ، يعادى توجه قيادة المجلس العسكرى الانتقالى . الشعب السودانى يرفض أن يصبح (لعبة) فى حلف (سام) الذى تقوده السعودية التى لا يمكنها شراء كرامة السودانيين بحفنة ريالات ثمن للدماء السودانية الغالية . الفريق البرهان بصفته رأس الدولة و القائد العام كان عليه توفيق اوضاعه و احكام سيطرته على القوات المسلحة التى بدأت تشهد عدم رضاء و تململ يحمل نذر خطر بوجود قوة موازية لا تأتمر بنظام القوات المسلحة و بعد أن تم اقتلاع المخلوع الذى كان القائد العام والذى لا يعترف قائد قوات الدعم السريع بتلقى أى أوامر إلا منه فهل يستطيع البرهان بتوجيه حميدتى بوصفه القائد العام ؟ الذى اصبح دولة قائمة بذاته و قواته ستمتلك المدرعات و الطائرات رغم وجود قادة لهذه الاسلحة . قبل أن يفكر جنرالات المجلس العسكرى فى ضبط (ملكية) قوى الحرية و التغيير و اطلاق التصريحات التى لن تزيدهم إلا إصرار بالسير فى درب الثورة كان على مجلس البرهان ضبط ما يتناما الى مسامع الجميع بأن هنالك فوضى فى القوات المسلحة و جيش داخل الجيش و أن البلاد مقبلة على كارثة لا يعلم مداها إلا الله و السبب تركيز مجلس البرهان على معاداة (الملكية).