ماوراء الكلمات – طه مدثر
اضراب المعلمين.. ورد فعل الانقلابيين
(1) اني أرى أن الجرح الذي لا يندمل، هو عودة الكيزان والمتكوزنين للسلطة وإدارة شؤون البلاد والعباد، ولو كان ذاك عبر الصف الثاني أو الثالث من القيادات، وصدق المخلوع وهو الكذوب، حيث قال، كل مفاصل الدولة بايدي الحركة الإسلامية، ، أما الجرح الذي أشد منه، فهو انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، وهو انقلاب(برأسين) الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، والرأس الثاني الفريق أول محمد حمدان دقلو، ألم تسمع أن الفريق أول محمد حمدان، كثير الفخر والمباهاة، بأنه هو ورئيس مجلس السيادة الانقلابي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، قد عقدا إجتماعاً، وقررا كذا، وفعلا كيت؟
(2) ومعلوم بالضرورة من الخدمة المدنية، انه هناك الكثير من الوسائل المشروعة، لنيل الحقوق المضيعة أو المضاعة بفعل فاعل أو حتى المماطلة والتسويف في إنجازها، والاضراب عن العمل هو أحد تلك الوسائل، التي أقترها الدساتير، ويعرفها كل ذي بصيرة.
(3) وفي الايام الماضية، شاهدنا اضراب المعلمين عن التدريس، وذلك بعد أن استنفذوا كل الطرق المعلومة لتحقيق مطالبهم، والتي تتمثل في الهيكل الراتبي وزيادة المرتبات وغيرها، وبالضرورة انت وهو وهي ونحن وهم ندرك أن السلطة الإنقلابية الحاكمة والمتسلطة، ليس من أولوياتها التعليم أو الصحة أو معاش الناس أو توفير المياه الصالحة للشرب، وغيرها من ضروريات الحياة، فالسلطة الإنقلابية أكبر همها ومبلغ علمها، هو الصرف على الدفاع والأمن، والدفاع هنا ليس، لأن هناك عدو خارجي يهدد البلاد، ولكنه الدفاع عن بقاءها في السلطة، والمحافظة على أمنها وسلامتها، فقد وجهت كل موارد الدولة الشحيحة أصلاً، في شراء الرصاص الحي أو المطاطي أو قنابل المسيلة للدموع ، اما من يقوم بالاضراب عن العمل، مثلما فعل المعلمون، فان السلطة الإنقلابية، تقرأ من ذات الصفحة التي كان يقرأ منها النظام البائد، فاما الترهيب أو الترغيب، بل لديها الصف الثاني من قيادات الحركة الإسلامية، فتدفع بهم ليحلوا محل المضربين عن العمل، وبالفعل قامت السلطة الإنقلابية بفصل ثلاثة عشر من قيادات المعلمين، وربما تضاعف العدد، وهددت البعض بتحويله للجان التحقيق، التي ربما أوصت بنقله الى مناطق الشدة (مع العلم أن السودان كله أصبح مناطق شدة عدا أماكن مخملية للسادة والأسياد)، او تأخير ترقيته أو اي جزاءات أخرى.
(4) ويروى أن أحد الملوك كتب ثلاث رقاع وقال لوزيره اذا رأيتني غضبان فادفع لى رقعة بعد رقعة، وكان في الرقعة الاولى، أنك لست باله، وانك ستموت وتعود إلى التراب ويأكل بعضك بعضا، وفي الثانية ارحم من في الارض يرحمك من في السماء، وفي الثالثة أقض بين الناس بالحق، وما أحوج أصحاب الانقلاب إلى هذه الرفاع الثلاث.
الجريدة