أرسلت لي في الواتس قائلة ..انها تزوجت قبل سنوات قلائل ..وهي تعيش مع زوجها حياة عادية..يذهب يومياً الى عمله وتبقى هي في البيت مع طفليها ..يأتي في موعد الغداء بعد الاكل ..ياخد راحة ..غالباً ما يخرج مساء لاصدقائه وتبقى هي في البيت ..في يوم الجمعة تذهب معه الى أهله ..او أهلها ..لاحظت انه لا يتحدث معها كثيراً وفترات الصمت بينهما تمددت ..هي بدأت تحس بالملل ..والضجر ..لا يحس بها ولا يعرف ما يدور في خلدها ..عندما اشتكت الى أمها ..ضحكت منها وقالت لها (الرجال كلهم كدا والناس دي كلها عايشة بالطريقة دي) ..سألتني في نهاية حديثها ..صحي يا دكتورة الناس كلها كدا؟
والله يا بتي ..أنا ما أقدر اقول ليك الناس كلها كدا ..البشر يختلفون في طرق تعاملهم وتعايشهم ..لكني اقول لك بكل ثقة الناس كلها بتحاول تطبخ الرجلة ..بتعرفي (طبيخ الرجلة؟) ..أرسلت لي وجوه ضاحكة وقالت (طبيخ الرجلة بعرفو ..لكن دخله شنو بالعرس؟) ..أهو يا بتي العرس (حلة رجلة )..يظن الناس انها سهلة ..يكفي ان تجمع المكونات ..خضار مع البصل مع اللحمة وحبة عدس ..هدي النار وهوبا ..طبخة زي العسل ..لكن النتيجة ليست واحدة عند الجميع .الرجلة هي أكثر طبخة مخادعة ..رغم ثبات المكونات ..فالنتيجة تأتي أحياناً مخيبة للآمال …النار زيادة ..الحلة مسكت ..الموية كترت ..العدس بقى أكتر من اللازم ..وأحياناً أخرى ..تخرج الرجلة مسبكة زاهية الوجه والطعم.
فكرت ونظرت كثيراً ..فوصلت الى اصل المشكلة في نظري ان المجتمع السوداني بطبيعته مجتمع منفصل ..بمعنى ان مجتمع الرجال في العادة بعيد عن مجتمع النساء ..حتى لو كانوا في سقف واحد ..الولد يتربى وينشأ بعيداً عن اخواته ..أغلب الرجال يتفاجأون بتفاصيل النساء بعد الزواج ..أغلبهم يصيبه الذهول بتبعات ارتباك النظام الهرموني للمرأة في أيام محددة كل شهر ولا يفهمون لماذا تغضب لاقل سبب ولماذا تكون حساسة جداً لأشياء ما انزل الله بها من سلطان ..ليه دمعتها فجأة بقت قريبة ؟ ..وفي تلك اللحطات ربما يستعيد ذكريات بعيدة لاخواته البنات وهن (يتضايرن) داخل الغرف أوقات الصلاة او خلال نهار رمضان ……أغلب الظن ان الرجل السوداني يتعرف على تفاصيل المرأة بعد الزواج ..
هي كذلك تأتي للزواج وهي تحمل كل الظن الحسن في الدنيا ..محاطة بملامح اللقطات الرومانسية في التلفزيون والسوشيال ميديا ..لتفاجأ بهذا الكائن المتفاجئ هو أيضاً بهذه الشخصية الغريبة ..عن نفسه يتخذ قراراً سريعاً ويمارس حياته كما كانت في بيته ..ويعتقد انك سعيدة طالما ظللت صامتة ..لا يعرف لماذا انت حزينة هكذا فهو لم يقصر في واجبه ..والبيت كامل مكمل ..وعندما يسألك مباشرة تقولين (لا ما في حاجة ) ..و تزيدين في حجم الصمت لعل وعساه يفهم ما يحصل ..وبس خلاص ..الحلة تمسك والطبخة تبوظ ..
الحل ؟في ظن شخصي الضعيف ..أحكي مع زوجك ..قولي له انك حزينة لأنك لم تفعل كذا ..او انك كنت تنتظرين منه ان يفعل كذا ..صدقيني في أغلب الأحيان سيقول لك انه لم يكن يدري وانه سينفذ ما تحبينه ..وسترين ان الحاجز قد زال بكل بساطة وبدون دراما ..حكينا قبل فترة في مقال ان الرجل لا يفهم ما وراء الكلام ..واضح وصريح ..ويأخذ المعنى الظاهري فقط ..ولا وقت لديه لتحليل (صرة) الوجه..ولا (لولوة الشفاه) يمنة ويسرة ..ولا تلك التنهدات التي تخرج زفيراً حاراً من داخل (الفشفاش) ..كلها تذهب سدى ..لن يحل المشكلة الا الحديث المباشر والمصارحة بما يدور داخل تلك الرؤوس الصغيرة ..بعد ذلك كله ..ان لم تظبط حلة الرجلة ..(رشي ليك في الوش شوية شمار أخضر).
&&&&&&
الجريدة الالكترونية عبر موقعنا
www.aljareeda-sd.net
فيسبوك
صحيفة الجريدة السودانية
fb.me/aljareeda.sudanese.newspaper