صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أنعيك معلمي بلا رتوش

17

كلام صريح

سمية سيد

أنعيك معلمي بلا رتوش


فقدت مهنة الصحافة في بلادنا أمس أحد أعمدتها المهمة منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم .
صائد السبق الصحفي الأستاذ إدريس حسن في ذمة الله.
يعتبر إدريس حسن، الأب الروحي لكل أبناء جيلنا والجيل السابق لنا. تعلمنا منه احترام الصحافة كمهنة لا كوظيفة والسلام.. كان يقدس العمل الصحفي حتى آخر أيامه.. تتلمذ على يده كبار الصحافيين الذين يقودون الرأي العام من رؤساء تحرير وكتاب أعمدة رأي وصحافيين أصبحوا نجوما في مجال التحقيقات الاستقصائية وكتابة التقارير وتحرير القصة الخبرية في أسلوب سلس دون المساس بالقواعد المهنية لكتابة الخبر.
أعتبر نفسي من المحظوظين الذين تعلموا على يد إدريس حسن في مدرسة الرأي العام.. وما أدراك ما الرأي العام في عهده مع أستاذنا محجوب عروة أعاده الله إلى العمل الصحفي غانما.
كانت “الرأي العام” عبارة عن خلية نحل.. دخلتها عام 1999 تحت رئاسة تحرير إدريس حسن وحتى العام 2007. ضمت أسماء لامعة ما زالت تقود العمل الصحفي في مؤسسات مختلفة.. عثمان ميرغني.. عبد اللطيف البوني.. محمد لطيف.. زهير السراج.. إسماعيل آدم.. عاصم بكري.. البدوي يوسف.. ضياء الدين بلال.. محمد عبد القادر.. بجانب عدد كبير من شباب الصحافيين الذين يقودون العمل الصحفي الآن.
كان إدريس حسن شديدا غليظا لا يجامل في العمل الصحفي؛ لكنه كان ليِّنَ القلب تتحكم فيه مشاعره أمام أي موقف إنساني خاصة مساعدة أبنائه من الصحافيين عند الحاجة.
كان دوما يوصي شباب الصحافيين بعدم رفع الكلفة مع المصادر ويحرضهم على عدم الخوف أو مهابة المسؤولين في السلطة.. كان يقول لنا: أنتم أهم من أي سياسي أو مسؤول، لأن أهميتهم محدودة بوجودهم على الكرسي.. تذهب المناصب وتظل الصحافة هي التي تقود المجتمع.
إدريس حسن كان شاهدا على العصر في كل مراحل الأنظمة السياسية على اختلاف توجهاتها. عاش تجارب شخصية مختلفة وكان جزءا من الأحداث السياسية وثّق لها في كتابه تاريخ الانقلابات العسكرية في السودان .
ظل مستقلا في عمله المهني رغم ميوله التي لا يخفيها للحزب الاتحادي الديمقراطي والسيد محمد عثمان الميرغني.. ارتبط بعلاقات جيدة مع كل ألوان الطيف السياسي دون أن تؤثر هذه العلاقات على عمله الصحفي .
باستمرار كان يأتيني ناصحا ومنتقدا خلال رئاستي تحرير صحيفة )التغيير(، وكثيرا ما يبدي ملاحظاته المهنية على الأخبار أو التحقيقات. كان يقول لي: أنا حريص جدا على متابعة أدائك أنتِ وضياء الدين بلال. اللهم ارحم أستاذنا إدريس حسن وأحسِنْ إليه ولأسرته الصغيرة ولتلاميذه من الصحافيين العزاء.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد