في زمن الطفولة كانت هناك العاب خاصة بنا نحن البنات.. منها لعبة على ما اذكر تبدأ بجملة نرددها بنغمة معينة (بريلا بريلا برلللا ).. نقف صفين أمام بعضنا البعض.. يتقدم صف تجاه الاخر ويغني (بريلا بريلا بريللاا).. فيرد الصف الثاني بالسؤال (عايزين ايه ).. بريلا بريلا.. (عاوزين عروس ).. بريلا.. بريلا (تجيبوا ليها ايه ).. بريلا.. بريلا (نجيب ليها ذهب ).. (الذهب ما بكفيها ) بريلا.. (نجيب ليها القروش ) ومن ثم يبدأ المزاد حتى يصل الى.. (ربع الدنيا ).. بريلا بريلا (ربع الدنيا ما بتكفيها ).. (نجيب ليها كل الدنيا).. وبعد ذلك يرضي أهل العروس باعطاء ابنتهم للخاطب.. اعتقد اعتقاداً جازماً ان هذه اللعبة هي العامل الرئيس وراء غلاء المهور وارتفاع تكلفة الزواج في السودان.. لكن ما علينا.
المفاوضات واتفاقيات السلام.. كل مرة نسمع بجولة مفاوضات جديدة مع حركة مسلحة جديدة.. وكل يفرض شروطه (بريلا بريلا ).. والسادة المفاوضون والسيدات المفاوضات رايحين من السبورة وجايين من السبورة.. اما نحن جماهير المساطب الشعبية.. لفاننا نقدر على المتابعة اللصيقة.. نسبة لازدحام المدرجات.. نلتقط فقط ما يأتينا بالتواتر.. لذلك لا لتمسوا لنا العذر ان كنا آخر من يعلم.. وان أتى تعليقنا متأخراً.. بعض الشئ.
نما الى علمنا بأن (الحلو) فات الكبار والقدرو.. وطالب باعتماد الاربعاء كيوم عطلة رسمية.. وذلك لأن الاربعاء يوم محايد لجميع الطوائف والاديان.. وحتى يثبت علمانية الدولة.. (بريلا بريلا بريلللا)..اذكر انني كنت قبل فترة كتبت مقالاً طالبت فيه بعطلة رسمية يوم الثلاثاء.. فالثلاثاء يوم ثقيل على قلبي.. واصلاً هو يوم بلا ملامح.. لا شئ يحدث أيام الثلاثاء.. .فقط اجتماعات ادارية مملة.. على الاقل الناس تاخد راحة في نص الاسبوع ومن ثم تواصل العمل.. لكني تراجعت عن مطلبي.. لماذا ؟ ذلك انني نسيت ان الامر ليس متعلقاً بي فقط او بيوم الثلاثاء الثقيل.. هناك تبعات أخرى.. ..مثلا عندما اقترح السيد الحلو يوم الاربعاء..هل ادرج خطة لتنظيم التعامل الدولي خاصة في مجال المصارف والبورصة والصادر والوارد والمراسلات الرسمية والمؤسسية ؟ العطلة الرسمية تعني غياب أجهزة الدولة عن العمل.. فان غابت الدولة يوم الاربعاء وعادت الى العمل يوم الخميس.. سيغيب العالم بعد ظهر الجمعة حتى صباح الاثنين.. وسنكون خلال تلك المدة (نحن والنيل والقمر) نندب حظنا وآمالنا..
العطلة الرسمية عند اقتراحها تتم دراسة كل الثأثيرات السلبية والايجابية ويؤخذ في الاعتبار التواصل الدولي مع التوافق الشعبي الداخلي .. لذلك توافقت الدول منذ الازل على اعتماد العطلات الرسمية بحيث تتفق مع الدين الغالب لمعظم أهل البلاد وفي ذات الوقت تحافظ على التعاملات الدولية.. وأغلب الدول التي ترفع شعار العلمانية توافق العطلات الرسمية فيها الايام المقدسة لمعظم السكان.. ولم يحتج احد.. ولم يطالب أحد بغير ذلك ولم يدرجه ضمن طلبات (بريلا بريلا).
توقعت أن تكون التنمية للمناطق المهمشة على رأس طلبات الحركات المسلحة.. فمن أجل ذلك خرجوا وقاتلوا وبذلوا الدماء والأنفس.. التنمية والخدمات الاساسية.. مساكن كهرباء وموية.. رعاية صحية وتعليم مجان.. بيئة نظيفة ومياه شرب متوفرة.. لكن يبدو اننا لا زلنا في بداية اللعبة.. وبريلا بريلا بريلللا.