:: )فجأة( فتح بنك السودان باب صادر الذهب لأربع شركات، على أن تعود الحصائل إليه، وكان هذا ممنوعا.. وكما قالت أخبار الخميس الفائت، فإن الشركات الأربع قد بدأت تصدير إنتاجها من الذهب، وإن ما تم تصديره بلغ )400( كيلوغراماً، أي كانت الشركات جاهزة للشراء والتصدير عند صدور القرار.. هكذا الخبر.. وعليه، تبقى الأسئلة المشروعة: لماذا أربع شركات؟ وما هي الأربع الشركات؟ ومن يملك أسهمها؟ وهل هي من شركات القطاع الخاص أم العام؟ وما مزاياها بحيث تُمنح ما حرمت منه الأخريات؟.. و.. و…!!
:: وكثيرة هي الأسئلة ذات الصلة بالأربع شركات، وأخطرها هل هي البديل لبنك السودان؟.. فالشاهد أن بنك السودان يحتكر شراء وتصدير الذهب، فهل تنازل عن احتكاره للأربع شركات أم سوف يتمادى في خطأ الاحتكار مع الأربع شركات؟.. وعلى كل، مع الترحيب الحذر – والمشروط – بالسماح لهذه الشركات بتصدير الذهب، إلا أن قراراً اقتصادياً يجب أن يقضي بخروج بنك السودان من سوق الذهب )نهائياً(، ويكتفي بالرقابة ووضع السياسات والتشريعات، وفتح أبواب السوق للبنوك التجارية بالتمويل وللشركات بالشراء والتصدير.. أو كما كان قبل فرض نهج الاحتكار في كل مناحي الحياة.
:: نعم، نفهم أن يمنع البنك المركزي البنوك التجارية عن تمويل تجارة السلاح والمخدرات وغيرها من الممنوعات، وهذا المنع يتسق مع دستور البلد وقوانين البلد ويستوعبه العقل البشري.. ولكن، كيف نفهم أن يمنع البنك المركزي البنوك التجارية عن تمويل تجارة الذهب؟.. هذا المنع غير طبيعي ولا يتسق مع دستور وقوانين البلد، ولا يستوعبه أي عقل يعرف أبجديات الاقتصاد.. ثم، بجانب نصوص الدستور ومواد القوانين التي تبيح مثل هذه التجارة المشروعة، فالبلاد لم تستفد من احتكار بنك السودان لسوق الذهب غير ) التضخم( و)التهريب( ..!!
:: فالفائدة الاقتصادية دائماً في السياسة المسماة – شعاراً وطق حنك – بالتحرير.. أي في توفير مناخ المنافسة للمصارف والشركات لتنافس بعضها بالجودة والسعر.. ولكن للأسف، نجح بنك السودان في أن يكتم أنفاس المنافسة في أسواق الذهب بقبضة الاحتكار.. وقبل قبضة الاحتكار، كانت بالسودان )13 شركة( وليست فقط )أربع شركات(، وكلها تعمل في سوق الذهب بمنافسة شريفة، وعبر قنوات الدولة الرسمية، وتأتي بالعائد إلى البلد قبل تصدير الذهب، أي بنظام )الدفع المقدم(.. وكانت الشركات، عبر البنوك التجارية، تأتي بقيمة الصادر )دولاراً(، ثم تشتري الذهب من شركات التنقيب والأهالي بالمنافسة ذات الفائدة للمنتج، ثم تصدره – عبر القنوات الرسمية – بعد سداد ما عليها من رسوم وضرائب!!
:: وكانت الحكومة تستخدم )حصيلة الصادر( في تغطية بنود الأدوية والسلع الضرورية.. هكذا كانت فوائد الإنتاج والتصدير للمنتجين والشركات والناس والبلد، ولم يكن هناك تهريب ولا )جوكية(.. فالمنافسة الشريفة – في عمليات الشراء والتصدير – هي النار التي تحرق عمليات التهريب.. ولكن منذ أن فرض بنك السودان سياسة الاحتكار، لم تعد تعمل في سوق الذهب بالبلاد )لا شركات ولا بنوك تجارية(.. لقد دمرتها سياسة بنك السودان، ليحل محلها )الجوكية( و)المهرباتية(، ثم من سماهم بنك السودان ذات عام بالوكلاء، وهم )5 شركات(، تأسست لتحتكر ولتصدر بنظام الدفع الآجل، وليس المقدم!
:: ولم يحدث أن تدخل بنك مركزي في الأسواق بغرض )التجارة(، كما يفعل بنك السودان الذي وصل به الحال لفتح مكتب في )مجمع الذهب(، مثل أي صائغ.. سلطات البنوك المركزية – في طول الدنيا وعرضها – لا تتجاوز الرقابة وإعداد السياسات العامة.. ولكن مراكز قوى، وذات نفوذ، نجحت في إقناع السلطات بأن يحتكر بنك السودان )سوق الذهب(.. وهم يعلمون بأن توجيه البنك بشراء كل المنتج تغول صريح على النشاط التجاري للشركات والبنوك التجارية.. فالبنك المركزي منوط به فقط مهام مراقبة النشاط الاقتصادي للمصارف، وليس الشركات.. احتكار الذهب بواسطة بنك السودان كان وما يزال وسيظل أكبر محفز للتهريب وتكاثر الجوكية.. أطلقوا العنان لشركات المجتمع، فهي أحرص على أموال الشعب من بعض المسؤولين!