من جديد عاد الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن حالات هروب المسؤولين الحكوميين السابقين في النظام البائد بعد قيام الثورة، وذلك بعد أن انفردت (آخر لحظة)، بخبر إلقاء القبض على والي الخرطوم الأسبق عبد الرحمن الخضر متنكراً، وذلك عند معبر أرقين في طريقه إلى مصر .. في وقت يتساءل الناشطون عن تراخي الحكومة في متابعة إجراءات القبض على المسؤولين حتى الآن رغم أن بعضهم مواجه بقضايا فساد عديدة بعدما فتحت بلاغات ضدهم، والبعض الآخر مطلوب لأسباب سياسية .
حالات سابقة
مع انتصار الثورة هرب العديد من المسؤولين ورموز النظام البائد خارج البلاد، والشاهد أنهم قد استفادوا في هروبهم السريع من علاقاتهم السابقة مع حكومات دول الجوار.. فالعباس شقيق البشير هرب عن طريق القضارف، أما القيادي فصيل حسن إبراهيم فقد هرب عن طريق تشاد، ورئيس الوزراء الأسبق معتز موسى هرب إلى تركيا رغم أنه مطلوب سياسيا، بجانب هروب القيادي بالوطني عبد السخي عباس إلى كندا التي قيل إنه يحتفظ بجنسيتها، وكذلك مدير جهاز المخابرات العامة السابق صلاح عبد الله قوش، هرب إلى القاهرة، ومنها إلى دولة أخرى بعد الاحتجاجات التي شهدتها مصر مؤخراً، والذي أكد هروبه رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، خلال اجتماع مع رؤساء تحرير الصحف قائلاً: إن قوش خرج دون علمنا رغم أننا وفرنا له الحماية التامة، وأضاف (صلاح بعد أن قدم استقالته اتفقنا معه أن يكون تحت حمايتنا وفي حال فُتحت أي بلاغات في مواجهته تأخذ مسارها القانوني)، وتابع (تفاجأنا بمغادرته وهو حالياً خارج السودان) .
علامات استفهام
وحول ظاهرة هروب قادة النظام البائد، يقول المحلل السياسي محمد علي فزاري إن ظاهرة هروب أو تهريب قادة حزب المؤتمر الوطني وتكرارها لأكثر من دولة ولأكثر من مسؤول تثير علامات استفهام عديدة حول وقوف جهات ذات مصلحة وعدم ضبط المطلوبين من النظام المباد، مما يؤكد أن جهات نافذة لاتزال تدير المشهد الأمني في الخفاء ساعد على ذلك اتساع حدود السودان مع دول الجوار العربي والأفريقي وفي معظمها حدود مفتوحة تسهل من عملية تهريب البشر .
ويضيف فزاري في حديثه لـ(آخر لحظة) معلوم أنه عندما تتم الإطاحة بنظام يحظر سفر قادته إلى حين إصدار قرار قضائي نهائي وتستنفد فرص الاستئناف لكن مما يثير الدهشة والاستغراب وجود شقيق الرئيس في تركيا والقبض على والي الخرطوم الأسبق عبد الرحمن الخضر، في معبر أرقين وقبله والي النيل الأبيض الأسبق عبد الحميد موسى كاشا وكلاهما كانت وجهتهما مصر المحروسة، وقال المحلل السياسي إن هذا التساهل يشير بوضوح إلى أن خيوط لعبة محكمة يمسك به جهاز حساس ينسق ذلك الهروب مؤكداً أنه ليس بالصُدفة المحضة، خاصة مع سحب ملف البشير والتلكؤ في تعيين رئيس القضاء والنائب العام، تلك القضايا قال إنها قد تغذي شكوك الشارع في حكومة عبد الله حمدوك ومقدرتها على اجتثاث بؤر الفساد .
يقظة أمنية
من ناحيته يرى الخبير الأمني دكتور طارق محمد بأن أي مسؤول سابق هرب أو حاول الهروب بعد علمه بأنه متهم ومطلوب للعدالة يعلم في قرارة نفسه أنه مذنب، ويضيف طارق في إفادته لـ(آخر لحظة) بأن محاولات الهروب تكشف أنهم ليسوا من الإسلاميين الأصيلين، إما عملاء لجهات خارجية معادية كلفتهم بتخريب اقتصاد البلاد أو جواسيس مهمتهم جمع معلومات سرية لأجهزة مخابرات أجنبية، وتم تشجيعهم على اختلاس أموال الدولة في مقابل نشاطهم مع ضمان عدم المساءلة القانونية (فيما يعرف أمنياً بالتكلفة الصفرية)، وبعضهم لصوص تعودوا على أكل أموال الناس بالباطل، وأكد الخبير الأمني ان إلقاء القبض علي والي ولاية الخرطوم الأسبق المتهم بقضايا عدة وهو يهم بالهرب عبر معبر أرقين على الحدود السودانية المصرية وإعادته إلى الخرطوم والتحفظ عليه تكشف بجلاء يقظة الأجهزة الأمنية ودقة مراقبتها ورصدها لحركة المغادرين والقادمين، مشيراً إلى أن جميع المعلومات الشخصية المتعلقة بالمتهمين قد نشرت بشبكات الحواسيب الأمنية.