عقب الاطاحة بنظام المخلوع خرج رئيس المجلس العسكري الانقلابي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ، وقال انه يرفض أي تدخلات إقليمية ودولية في الشأن السوداني، داعياً كل القوى السياسية بما فيها قوى إعلان الحرية والتغيير للجلوس والتوافق الذي يخرج البلاد من الأزمة الراهنة.
وبعد انقلاب ٢٥ اكتوبر (الازمة الثانية) قال البرهان انه يرفض تدخل بعض السفارات في الشأن الداخلي بعد التشكيك في حيادها وذلك بعد موجة انتقادات وجهتها قوى غربية لاستمرار الإجراءات التي تتخذها الأجهزة الأمنية في حق المتظاهرين وقوى مدنية.
وفي خطابه للإدارات الأهلية قال الرجل الثاني في المجلس الانقلابي محمد حمدان دقلو إن المجلس لا يعادي أو يرفض المجتمع الدولي وإنما يرفض التدخل في الشؤون الداخلية.
وقبل شهور كان المجلس هو الراعي الرسمي لاحتجاجات بعض عناصر الفلول أمام مقر بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال يونيتامس الخرطوم ومداخل بعض السفارات الاجنبية والذين أعلنوا آنذاك عن رفضهم للتدخل الأجنبي في البلاد.
ورفع المحتجون الذين خرجوا بمبادرة سودانيون من أجل السيادة الوطنية كتب عليها القرار الوطني أو الرحيل ولأننا دولة ذات سيادة نرفض التدخل في شؤوننا الداخلية.
والآن يهرول المجلس الانقلابي الكسيح العاجز الى رؤساء وقادة الدول الاقليمية من أجل اتاحة فرص التدخل في الشأن السوداني دون ان يرهقوا أنفسهم بالتدخل فيه عبر سفارات بلادهم في الخرطوم، بل بتطوع رئيس المجلس الانقلابي لزيارتهم في دولهم ومقارهم الملكية والرئاسية ويطلعهم على الشأن السوداني وتفاصيله وأسراره ليتدخلوا فيه دون عناء وتعب منهم، فالفريق البرهان يتأبط هذه الأيام فشله ويتسول حلاً بين الدول !!
فالانقلاب الذي يواجه حصاراً دولياً يعاني من عملية خنق بحبل الثورة بالداخل لذلك فإن البرهان حفيت قدماه من الحل والترحال وكثرة الأسفار، فالشارع السوداني الذي يتعامل معه بنظرية (أنا لا أرى ولا أسمع) لن يسمح باجراء اتفاق سياسي خارجي ان حاول البرهان وبعض القوى السياسية تجاوزه، فكل صلاة لا تيمّم نحو مطالب الشارع واهدافه باطلة.
لكن وحفاظاً منا على سيادتنا الوطنية كم سفارة بالخرطوم نحتاج ان نقف على أبوابها احتجاجاً، أن كفوا عن التدخل في شأننا الخاص وعن هواية الرسم لملاح خريطة مستقبلنا السياسي، كم سفير يجب الوقوف على عتبة سفارته للتعبير عن رفض تجاوز بلاده حدودها في خرق المواثيق الوطنية والدولية الاساسية لاحترام حقوق الوطن، والمساواة بين الدول لا سيما في سيادتها وقدرتها على اختيار نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وحق التصرف في مواردها الطبيعية.
فكل الدول التي تدعم خيار الشعب وارادته في التحول الديمقراطي تحركاتها في هذا الاتجاه تُعد تدخلاً في الشأن الداخلي، وكل الدول التي تدعم الاجراءات الانقلابية ولا تريد للسودان أمناً واستقراراً لأنه سيكون خصماً عليها وعلى مصالحها بل على مستقبلها تسمى من قبل العسكريين صديقة تستحق الشكر والثناء حتى الدعم الذي تقدمه هذه الدول لا يسمى منح وهبات ولكن ان وصل من دول أخرى يسمى أموال المنظمات والسفارات لدعم العملاء والذين يخونون الوطن، الوطن الذي ارهقوه خيانة عندما سلبوا موارده ونهبوه وقتلوا شبابه وعاثوا فيه ظلما وفسادا.
لذلك فإن الانقلاب لم يكن كارثة سياسية على الشعب بعد ان سلب حقوقه وحرياته ولقمة عيشه، الانقلاب الآن يسلب حتى كرامته عندما يتلفح القادة اسم السودان في جولاتهم الخارجية طلباً للمساعدة ليست المساعدة الاقتصادية ولكن المساعدة السياسية في طريقة كيف يكون الحكم من كتاب وصفة المطابخ السياسية للأنظمة الديكتاتورية التي وأدت ثوراتها، قضيتكم الآن ليس نقص في الفكرة او التخطيط ولا نقص في الأموال والثمرات، قضيتكم انكم بحاجة الى شعب تحكموه ، وهذا الشعب الثائر ضدكم صناعة سودانية محلية خالصة لا توجد منها نسخة في الخارج .!!