قال قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان إنه أطلع القيادة في السعودية على التطورات السياسية في السودان، معلناً عن التضامن الكامل مع السعودية بشأن الهجمات الإرهابية التي تتعرض لها وأن زعزعة أمن المملكة زعزعة لأمن السودان والإقليم، مشيراً إلى أن السعودية أكدت دعمها للفترة الإنتقالية في السودان واستعدادها للاستثمار المفتوح في السودان متى توفرت البيئة المناسبة والاستمرار في التعاون لتأمين البحر الأحمر.
وغريب ان يسافر البرهان من هنا ليربت على كتف القيادة السعودية ليبلغها خوفه على أمنها واستقرارها وزعزعة أمنها، بينما تعيش بلاده اسوأ حالات الزعزعة والرعب ، والخوف والقتل والاغتصاب والنهب والسلب والتدهور الاقتصادي المريع، البرهان هو من يحتاج الي وفد سعودي ولا أقول قيادة سعودية لتزوره وتضع يدها على كتفه ، وتنصحه ان مايفعله هو بشعبه وبوطنه وحده الذي سيزعزع أمنها واستقرارها ، هذا ان كانت اسباب الزيارة ودواعيها ودوافعها هي مشاطرة المملكة العربية السعودية لتعرضها لهجمات ارهابية .
والمتابع لزيارة الفريق البرهان وقبلها زيارات قائد الدعم السريع بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر ، يلاحظ انها زيارات بلا نتائج وبلا فوائد، وعجباً ان المجلس العسكري بالرغم من الجهود التي بذلتها الحكومة الانتقالية السابقة في مايتعلق بالمنح الخارجية وتقدمت في الكثير من الملفات الا ان المجلس وصفها بأنها كانت مجرد وعود لم تثمن ولا تغني من جوع، إذاً ماهي نتائج زيارة الامارات وزيارة روسيا وزيارة المملكة اليس هي ذات الوعود التي انتقدها قادة الانقلاب ، فكل مايستطيعون قوله، انها كانت زيارة مثمرة وناجحة، فالشعب لم ير لا ثمار منها ولا بذور.
وهذا ان دل انما يدل على ان الزيارة لم تكن يوماً من أجل المصلحة الوطنية فإما انها لمصالح الدول او لمصالحهم الشخصية للبحث عن سبل للبقاء في السلطة او الخروج منها لا فرق ، فالبرهان نفسه قال انه سافر للمملكة ليطلعها على التطورات السياسية بالبلاد، اما ماجاء في آخر الخبر هو ماكان يستحق ان يكون في بدايته وهو ان البرهان قال انه بحث مع السعودية سبل الاستمرار في تأمين البحر الأحمر، فالسعودية وعبر بيان مشترك مع مصر عقب زيارات دقلو لروسيا رفضت المساس بأمن البحر الأحمر فلا يستقيم الأمر ان يناقش لقاء البرهان والقيادة السعودية قضية البحر الأحمر دون ان يتطرق للخطوات التي اتخذها دقلو في المضي قدماً نحو العلاقات السودانية الروسية، وهذا ما تحدثنا عنه في الاسبوع الماضي ان سفر البرهان للسعودية سيكون من أهم أهدافه ملف البحر الاحمر والحد من خطوات حميدتي التي أزعجت السعودية.
لذلك فإن نتائج زيارة الفريق البرهان للامارات والسعودية سيكون لها بُعدها السياسي فقط لكنها تعد زيارات ( فالصو ) من الناحية الاقتصادية خاصة ان المصادر أكدت ان البرهان تقدم بطلب للقيادة السعودية للحصول على دعم اقتصادي عاجل لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي، وفي ظل تصاعد موجة الاحتجاجات في الخرطوم وان السعودية وعدت بالدعم ولكنها لم تقدم دعماً عاجلاً وان أغلب دعمها يتعلق بزيادة رقعة الاستثمار لكنه أيضاً لا يمكن ان يتم في هذا المناخ.
لكن من المتوقع سياسياً ان يصدر البرهان عدداً من القرارات ان كانت قرارات سياسية او عسكرية ، فإن ضمن البرهان الدعم السياسي من هذه الدول سيستمر في اصدار القرارات التي تكرس لانقلابه وتطيل عمره وان ( قنع) من وقوف هذه الدول فسيستخدم عبارات سياسية مطاطية على شاكلة الحوار والتوافق الوطني.
لذلك ان هذه الدول لها مطالبها فمصالح الامارات تتعلق بوضع بملف سد النهضة ، على طاولة البرهان وترهن تقديم دعمها بقبول السودان لوساطة ابوظبي ، وان المسؤولين في الإمارات أقنعوا البرهان بدعم الوساطة الإماراتية في الأزمة، والقبول بالتصور الذي طرحته أبوظبي، والمتعلق بتقديم امتيازات اقتصادية، ومجموعة من المشروعات المشتركة بين الدول الثلاث، بتمويل إماراتي هذا التصور الذي ترفضه مصر.
والسعودية سترهن دعمها بقضية البحر الأحمر والعمل على ضرورة ايقاف خطوات قائد الدعم السريع نحو الاتجاه شرقاً، وفي الحالتين الأمر يعد صعباً لأن قطار مصالح البرهان سيصطدم بمصالح مصر ومواجهة قوات الدعم السريع لهذا لن يكون دعم هذه الدول عاجلاً مالم تسبقه قرارات مهمة سيصدرها البرهان بعد مناقشتها مع المجلس العسكري والحكومة الانقلابية.
لهذا ان الزيارات الخارجية لن تكون ناجحة ومثمرة فالحلول الخارجية ستكون صعبة على الانقلابيين ليس لضيق نطاقها فقط بل لتقاطع المصالح ، والحلول الداخلية معدومة لسيطرة الشارع الثوري على المشهد، أن لا بديل لازالة الانقلاب الا إزالته.