صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أزمة الخبز.. الحقيقة الغائبة

11

كلام صريح

سمية سيد

أزمة الخبز.. الحقيقة الغائبة

‏‏‏‏
الحقائق المؤكدة التي لا يمكن إنكارها في أزمة الخبز، التي تضرب الخرطوم وعدداً من المدن هي أن الدولة تدفع مليارات لدعم الخبز.. وأن طوابير المواطنين أمام المخابز تسد الطرق والشوارع.
أما الأسباب الحقيقية وراء الأزمة والجهات المتسببة فيها، فلا أحد يستطيع أن يجزم بها في ظل تضليل الرأي العام من المثلث الذي يشمل الحكومة والمطاحن والمخابز.
أين يذهب دعم الخبز؟
هل فعلاً لا يوجد دعم كما ذكر أحد مسؤولي المخابز الذي أكد خروج الدولة؟.. هل المطاحن لها يد في تسرب الدقيق المدعوم من إنتاج الخبز إلى منتجاتها الأخرى من المكرونة والشعيرية رغم قرار الحظر؟ هل المطاحن والجهات المستوردة تمارس نوعاً من الغش التجاري بحيث تستورد بقيمة تقل بنسبة 50% عما تعلنه في أوراق الاستيراد التي ترفعها للحكومة للطن؟ هل المخابز تستخدم الدقيق المدعوم في إنتاج البسكويت والباسطة والمعجنات الأخرى؟ لا أحد يستطيع أن يجد إجابات.. البحث نفسه يقود إلى متاهة.
الحكومة تؤكد أنها تدعم مائة ألف جوال دقيق يوميا بقيمة 350 مليون جنيه، وأن حصة ولاية الخرطوم من هذه الكمية تبلغ 43 ألف جوال يوميا، وهذا تصريح رسمي على لسان د.مسلم أحمد الأمير وزير الدولة بوزارة المالية. في اعتقادي أن هناك خطأ في النقل الصحفي للرقم، لأنه إذا كان ذلك كذلك فهذا يعني أن الحكومة تدفع من جيبها سنوياً 126 ترليون جنيه وهو مبلغ 3 أضعاف الدخل القومي.. لكن المهم عندي أن الحكومة فعلاً تدعم مائة ألف جوال دقيق يومياً، وهي الكمية التي تكفي عدد السكان بحسب الدراسات التي أُجريت في هذا الخصوص.
إذن لماذا ظهرت الأزمة وظهرت الصفوف رغم انسياب الدقيق من مصادره المعروفة، إذا كانت الحكومة تشرف على استلام المخابز على الكميات التي تكفي الاستهلاك اليومي؟
البعض يتحدث عن ضعف الرقابة على المخابز ويتهمونها باستلام الدقيق المدعوم ولا تنتج الكميات المقررة لها في اليوم.. أحد المواطنين قال لي إنه رأى في ثلاثة مخابز كميات من الدقيق وهي متوقفة عن الإنتاج تماما بعكس ما كان خلال الأزمة الفائتة، حيث كانت المخابز خالية من الدقيق لأنها لم تكن تستلم حصتها من المطاحن، مما يُعطي مبرراً للأزمة.. من تحدث معي يرى أن الأزمة سببها جشع أصحاب المخابز وتحويل كميات من الدقيق لمنتجات أخرى غير الخبز.
المطلوب الآن، وبشكل عاجل، تفعيل عمليات الرقابة بنفس الطريقة التي أنهت الأزمة السابقة إذا كان أصحاب المخابز لا يعملون إلا تحت الرقابة المشددة، بعيداً عن أي وازع أخلاقي مهني.
مطلوب من الحكومة تغيير طريقة التفكير التقليدية في إدارة عمليات دعم الخبز؛ فمعلوم أن الدعم لا يذهب إلى مستحقيه مما يجعل أموال الدولة مهدرة مع تجدد الأزمة بشكل مستمر.
كل الدول التي تعيش نفس ظروف بلادنا تستعين بالخبرات الوطنية والدولية في كيفية دعم الشرائح الضعيفة في الصحة والتعليم والمياه والسلع الاستهلاكية؛ لكن الحكومة عندنا تفتقر إلى التفكير السليم في كيفية إيصال الدعم للمستحقين من الشرائح الضعيفة.
لا أعرف إن كانت هناك صعوبة في إنتاج أنواع متعددة من الخبز بحسب القدرة الشرائية لكل فئة من المواطنين.. كما لا أعتقد أن هناك صعوبة إذا اتجهت الحكومة إلى توجيه الدعم لنوع معين من الخبز المخلوط بالذرة ليباع بالبطاقة.
هناك العديد من مقترحات الحلول لكن يبدو أن الجهات الرسمية لا ترغب في البحث عن بدائل لأسباب تعلمها هي وحدها.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد