:: وراء كل قط سمين موظف عام بالدولة أو بالبنوك، ومع ذلك من ساقتهم السلطات إلى السجون – لحين سداد التسويات – هم فقط )القطط السمان(، أي غضت الطرف عن الموظف العام وكأن هذا الموظف لم يفتح ثغرة نهب المال العام للقط السمين.. نعم تسللت القطط – إلى حيث المال العام – ثم سمنت لحد التخمة، ولكنها لم تتسلل من فوق الجدران كما يفعل لصوص الليل، بل عبر ثغرات المسؤولين والموظفين، وهذه الثغرات هي أخطر بؤر الفساد في الدولة.. وعليه، مع محاسبة القطط السمان، ما كان يجب غض الطرف عن المسؤولين والموظفين.
:: ومن المدهش، بعد خراب سوبا، يطالب رئيس لجنة الصناعة والتجارة والاستثمار بالبرلمان عبد الله مسار، بتعديل قانون المراجع العام للسماح له بفتح بلاغات في المؤسسات والأشخاص المتورطين في مخالفات مالية، بدلاً عن الاكتفاء بتوصيات، لأنه يملك جميع الحقائق والأدلة التي تثبت المخالفات.. وقد صدق عبد الله مسار.. أي قبل خراب سوبا، كان هناك مكتب بديوان المراجع العام لنشاط إدارة عدلية وشرطية مسماة بمكافحة اختلاسات المال العام، وكانت أحد فروع وحدة مكافحة الفساد التابعة للمباحث المركزية.
:: وكانت تلك الإدارة الشرطية والنيابية تدير نشاطها من ديوان المراجع العام، وهي الجهة العدلية التي كانت تستلم تفاصيل تقرير المراجع العام سنوياً – قبل نواب البرلمان الذين يستسلمون باستلام الملخص فقط وليس التفاصيل – وتبحث وتتحرى وتحقق وتطارد عما في تلك التفاصيل من فساد وإهمال.. هكذا كان نشاط شرطة مكافحة اختلاسات المال العام في معقل ديوان المراجع العام، قبل خراب سوبا.. وقد نجحوا في إبعادها وإخراجها من بهو الديوان، بحيث صارت تلك الوحدة – كما القارئ – تتابع ملخص تقرير المراجع العام عبر الصحف، وتجهل التفاصيل التي كانت تتحرى فيها وتحاسب.
:: وليت مسار سأل المراجع العام عن أسماء الجهات أو الشخوص التي كبلت تلك الجهة النيابية بنفيها من حوش الديوان، بحيث تكون بعيدة عن تفاصيل التقرير السنوي التي كان يتم التحري فيها ثم المحاسبة بواسطتها.. نعم هي أغلقت مكتبها وجمدت نشاطها بالديوان بأمر المراجع العام، ولكن بأمر من أصدر المراجع العام أمره؟ وما هي آثار إخراج وحدة مكافحة الفساد التابعة للمباحث المركزية من حوش ديوان المراجعة العامة؟.. هذا ما لم – ولن – يرد في أي تقرير يصدره المراجع العام، فليسأله رئيس لجنة الصناعة والتجارة بالبرلمان، ليسمع العجب.
:: ومن أوجه البؤس، سنوياً يقدم المراجع العام للبرلمان قائمة الوحدات والشركات الخاضعة للمراجعة العامة ولكنها ترفض.. وفي هذا العام، بلغ حجم الشركات الحكومية حسب تقرير المراجع )431 شركة(، رغم أنف القرارات الصادرة بالتخلص من الشركات الحكومية.. )431 شركة(.. ولم يراجع المراجع العام غير حسابات )43 شركة فقط لا غير(، ومنها ست شركات لم تظهر أرباحها.. وليس في الأمر عجب، لعدم استقامة الأشياء في بلادنا، ولأن مراكز القوى أقوى من الدولة، ما تزال مراجعة حسابات شركات حكومية عصية على المراجع العام.