في التراث الدارفوري بل وربما في غربنا الحبيب عموما ومناطق أخرى من البلاد،يطلقون لقب أو قل مسمى (الخمبة) على المرأة المهملة المشلهتة المبشتنة الخرقاء، التي لا تعرف كيف تهتم بنفسها وبمنزلها، فتجدها دائما مبهدلة فى مظهرها وملبسها، ومنزلها متسخ وغير مرتب ولا تحسن تدبير الشؤون المنزلية، ولا تجيد طهي الطعام بل وتفسد مذاقه فلا يدرك آكله كنه ما يأكل، وعندما يخبرها زوجها بأنه سيستقبل ضيوفا أعزاء بالمنزل ويطلب منها ان تعتني بمظهر ومخبر البيت من حيث النظافة وترتيب الأثاث وازالة كل ما يشين ويعيب، فانها لا تفعل شيئا سوى كنس الأوساخ الظاهرة واخفاءها تحت الفرشة أو السجاد أو تكويمها في مكان لا تطاله أعين الزوار، بدلا من ان تتخلص منها نهائيا وتلقي بها في مكب النفايات..
مثل هذا الفعل الذي تأتيه المرأة (الخمبة)، فعلته حكومة الانقلاب، فعلى نسق إخفاء ومداراة الأوساخ تحت السجاد بعيدا عن أعين الناظرين،رغم الوجود الفعلي لهذه الأوساخ داخل المنزل، سارعت الحكومة عند حلول موعد زيارة المبعوث الأممي لحقوق الانسان أداما ديانغ للبلاد لفحص ورصد حالة حقوق الانسان فيها، سارعت لنقل بعض المعتقلين من السجون التي يقبعون فيها وتوزيعهم على حراسات شرطة مختلفة، وفتح بلاغات ضدهم، واطلاق سراح البعض الآخر، وذلك في محاولة خائبة و(خمبة) منها لمداراة (وسخها)، أقصد انتهاكاتها لحقوق الانسان، لتبدو صورتها أمام ناظري مبعوث حقوق الانسان زاهية ونقية من غير أي انتهاك، ولتقول للمبعوث الأممي بلسان الحال والمقال أنظر فكما ترى عيانا بيانا أن سجلنا نظيف مثل صحن الصيني لا فيه معتقل ولا فيه مقتول، وهاهي السجون أمامك فارغة من المعتقلين، أما من هم في حراسات الشرطة فاولئك متهمون تحت طائلة القانون، علما بأن من نقلوا من السجون الى الحراسات، قضوا عدة أسابيع في سجنهم دون توجيه تهم لهم، وتلك عملية تضليلية استكرادية فطيرة لا أظنها تخفى على رعاة الضأن في الخلاء، دعك من مبعوث وخبير أممي ذو دربة وحنكة وخبرة وتمرس في كشف مثل هذه الاعيب،
فانتهاكات السلطة الانقلابية لحقوق الانسان من الوضوح بمكان لا تنجح معها أية محاولة لطمس حقائقها ووقائعها، وبدلا من أن ترعوي السلطات الانقلابية وتكف عن انتهاكاتها المستمرة لحقوق الانسان والتي بلغت حدا من الدموية أزهقت فيه أرواح أكثر من ثمانين شهيدا، وأصابت المئات باصابات مختلفة بعضها خطيرة، واعتقلت أكثر من الفي معتقل، اذا بها تحاول عبثا الالتفاف على هذه الحقائق الدامغة، وهذا لا يعني غير أنها ماضية في الولوغ في دماء الشباب، واعتقال كل من يناهض ويقاوم الانقلاب بتلفيق التهم لهم، وتلك هي ذات أساليب وأحابيل وحيل النظام البائد التي أوردته المهالك، ومع حالهم هذا فحتما ستدور عليهم الدائرة وتلحقهم بسابقيهم..