الاتفاق مع منظومة الصناعات الدفاعية التابعة للجيش الذي كشفه وزير الصناعة في الحكومة التي اطاحها الانقلاب إبراهيم الشيخ، والذي نص على أن تذهب نسبة 40% من العائدات لوزارة المالية، و 30% للقوات النظامية، و 30% للمنظومة، الا ان هذا الاتفاق لم ير النور وتم اجهاضه بواسطة وزير الدفاع الذي قاومه بذريعة أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا علم له به.
يعيد هذا الاتفاق المجهض لدائرة الضؤ قضية شركات القوات النظامية التي ما تزال تراوح مكانها، ووفقا لابراهيم الشيخ نفسه في افادة سابقة له، أن المؤسسة العسكرية تحوز مليارات الدولارات بما يكفي لمعالجة الوضع الاقتصادي المأزوم الذي تكابده البلاد، ولكنها ضنت بأي عون ولم تدعم الموازنة ولا بدولار واحد، واضاف الشيخ مخاطبا البرهان بوظائفه العديدة، بما مؤداه أن البرهان تحت يده 10 مليار دولار عبارة عن رأسمال شركات الجيش التي تصنع السلاح والسيارات والطائرات والسيخ والمواسير، كما انه أي البرهان يملك مكاتب في كل مدن العالم تدير المسالخ وتصدر اللحوم، مشيرا الى أن تلك الأموال تدار بلا حسيب ولا رقيب، متسائلا عن الجهات التي تصرف عليها عائدات شركات الجيش التي يبلغ رأسمالها عشرة مليارات من الدولارات،
وسبق لرئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك ومجموعة من السياسيين والخبراء الاقتصاديين والاختصاصيين، أن طالبوا الجيش السوداني بتسليم شركاته للحكومة وتحويلها إلى شركات مساهمة عامة واخضاعها لولاية وزارة المالية، وكان حمدوك قد أشار في تصريح سابق له أن الحكومة لا تسيطر سوى على 18% فقط من ايرادات الدولة، بينما تبقى نسبة ال82% خارج سيطرة وزارة المالية، وقد كانت هذه القضية قد أثارت حينها جدلا واسعا على مختلف المنصات الاليكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي، ويجدر بالذكر أن الجيش والدعم السريع يسيطران على العديد من الشركات التي تعمل في مجالات الزراعة والتعدين والطاقة وغيرها..
إن انشاء الجيش لعدد كبيرمن الشركات التي تعمل في مجالات الانتاج المختلفة ويستثمر في عدة قطاعات يزاحم بها شركات القطاع الخاص، يبقى أمرا غير مقبول ولا مبرر له ولا ينبغي له أن يكون لتأثيراته الضارة على الاقتصاد، فالشئ المتاح والمنطقي والمعقول للجيش في هذا المضمار، هو ان يستثمر في التصنيع العسكري والحربي فقط لا يتعداه لما سواه كأن يستثمر في الانتاج كما يفعل الآن، صحيح أن كل جيوش العالم لديها علاقة بالاستثمار، لكن الأصح أن استثمارهم متعلق بميزتهم التفضيلية مثل الاستثمار في الصناعات الدفاعية، فمثل هذا الاستثمار اذا ما انخرط فيه الجيش يكون استثمارا مهما ومشروعا بل ومطلوب، أما ان تدخل في أية استثمارات أخرى خلاف ذلك، فهذا يعني مضايقتها ومزاحمتها ومنافستها للقطاع الخاص والعمل على ازاحته، فمن المعيب والمضر بالاقتصاد أن تستثمر القوات الأمنية في العدس والزيت وأن تعمل في مجالات مدنية حيوية مثل طحن الدقيق والتنقيب عن الذهب وتصنيع الأحذية والأدوات الكهربائية والمنزلية وتصدير اللحوم والصمغ العربي والسمسم وانشاء وادارة المستشفيات الخاصة وهلمجرا من استثمارات يزاحمون فيها القطاع الخاص بل ويضربونه بما ينالونه من امتيازات واعفاءات..