حملت استقالة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك عدداً من الرسائل المهمة لاعداء الثورة الذين كانوا سبباً في تفكيك الدولة المدنية بعد أن إستخدموا (منشار ) المؤمرات والدسائس والفتن الذين بدأوا اولاً بإضعاف الحاضنة السياسية وبث روح التنافر والخلاف وسط القوى السياسية وعدم الثقة بين مكوناتها، شقوا صفها ومارسوا كل أنواع الاسلحة لتصويرها للشعب السوداني انها سبب كل الفشل الذي صاحب الفترة الانتقالية، ازاحوها وعجزوا عن ازاحة العلل بل زادوها (بلة) بعدها خططوا لدعم الانقلاب الفاشل وأبعدوا الحاضنة السياسية من رئيس مجلس الوزراء ليسهل قطع رأسه، ومن ثم اتجهوا الى اعلان الانقلاب لتمزيق الوثيقة الدستورية وازالة قحت، عادوا باتفاقهم السياسي مع رئيس مجلس الوزراء لخلق قطيعة بينه وبين حاضنته السياسية، ورسموا وخططوا بعدها لرسم الثقه فيه وانه خائن وضع يده مع البرهان، وذلك لوضع المتاريس بين رئيس الوزراء والشارع الثوري وبعد ان أصبح حمدوك وحيداً تتلاطمه الامواج مارسوا عليه ضغوطاً بالغة حتى يغادر منصبه مغاضباً.
والاستقالة حملت عدة رسائل أولها ان رئيس مجلس الوزراء قدم استقالته للشعب ليؤكد ان الشعب هو السلطة العليا وان لا جهة تعلو عليها وان تجاوزه البرهان هو عدم الاعتراف بمجلسه السيادي
ورسالة أخرى في بريد المؤسسة العسكرية ان القوات المسلحة ملك للشعب السوداني علها تدرك هذه المؤسسة ما اراده حمدوك بهذه الإشارة الصريحة كما ان حديثه كان واضحاً ان اجراءات ٢٥ اكتوبر انقلاباً أكد حمدوك باستقالته انه ليس خائناً كما سوقت لهذا القوى السياسية فاستقالته جبت ماقبلها من اتهامات.
أيضاً تقديم عبد الله حمدوك لاستقالته أكد أن عودته بإتفاق سياسي كان حقاً من اجل حقن الدماء وكان صادقاً في قوله بدليل انه غادر منصبه عندما لم يتوقف قتل الثوار ، فالرجل باستقالته يكون أبعد عن نفسه من مسئولية اراقة الدماء في الشارع السوداني مابعد رحيله.
رسالة أقوى من كل الذي سبق في استقالة حمدوك بعثها للعسكر انكم من تتمسكون بالمناصب رغم موت شعبكم أمام أعينكم (تقدمت باستقالتي ولكن من الذي سيفعلها معي) !!
كما ان الرجل أثبت قوته باستقالته في الوقت الذي دمغه فيه معارضوه بالضعف وعدم المبالاة، لذلك فإن الاستقالة التي جاءت لم تكن بمثابة استقالة قدمها على هواء مسامع المواطن ولكنها درس بليغ علنا نستفيد منه في أيام قادمات سيما ان أدب الاستقاله الرفيع، هو فقر سياسي يعاني منه القادة والزعماء السياسيين السودانيين والعرب والأفارقة هذا الداء الذي كان سبباً في النهايات المأساوية لعدد منهم، فالرجل كان عفيف اليد واللسان، وذهب دون ان تلاحقه تهم الفساد والسرقة لوح بيد بيضاء عند مجيئه الى المنصب مسلماً ومسالماً، وحافظ على ان تظل ناصعة وهو يلوح مودعاً، غادر المنصب لأنه لا يخشى شئ، بينما يتشبث غيره بالمناصب من أجل حماية أنفسهم وهذا هو الفرق.
ومع هذا يبقى ذهاب حمدوك ليس هو الهم الاكبر للشارع لذلك يجب ان يتجاوز المواطن استقالة حمدوك وينظر الي مابعدها، فالفراغ السياسي الكبير والغياب شبه التام لملامح الحكومة المدنية، وسيطرة العسكر وجبروتهم وإصرارهم على قتل المواطنين وسفك الدماء هي قضية أكبر من ذهاب رئيس مجلس الوزراء وعن الترشيحات التي تتحدث عن من يخلفه، كفوا عن هذا الحديث حتى لاتفوتكم المواكب.
طيف أخير :
اصلو الطلب معروف مدنية بالمكشوف
الجريدة