كان ومازال العميد الطاهر أبو هاجة مستشار البرهان، يمارس دوره البطولي في الدفاع عن قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان والذي يصفه بالزاهد الذي (لا ناقة ولا بعير ) له في الحكم، بالرغم من ان القائد نفسه كشف عن رغبته الأكيدة في التشبث بالحكم عكس مايحدثنا عنه أبوهاجة، و قال من قبل (لن أترشح لانتخابات الرئاسة بعد انقضاء الفترة الانتقالية) وهذا يعني ان الرجل يتمسك بمقعده في الفترة الانتقالية (طالت او قصرت)، والزاهد من يغادر مقعده عندما يتعارض وجوده مع رغبة شعبه، وعندما يخرج الملايين يهتفون ضده، وعندما يموت شباب الوطن في التظاهرات التي خرجت تندد بانقلابه، الزاهد يتنحى عندما تغتصب الحرائر في شوارع العاصمة على بعد كيلومترات من مكتبه في القصر الرئاسي، الزاهد لا يجعل شعبه يموت وهو يطالب برحيله، والزاهد لاتستخدم قواته الأسلحة الثقيلة ومضادات الطيران لقمع المتظاهرين الزاهد في الحكم ياسعادتك يتنازل ويتنحى بعد علمه ان الشوارع لا تريده
ويواصل ابوهاجة في سرده ويقول إن الحديث عن هيكلة القوات المسلحة حلم وهروب من واقع يعيشه مروجو هذه العبارة، مضيفاً أن الديمقراطية والدولة المدنية وتأسيس دولة المؤسسات يحتاج إلى قاعدة أمنية متينة وتوافق وطني راسخ.
ويعلم المستشار ان هيكلة الجيش مطلب ثوري، ونادت به اتفاقية سلام جوبا، والأهم من ذلك ضرورة تصفية الجيش من عناصر النظام البائد، بالإضافة إلى إدخال الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، كل هذا (ينسفه) ابوهاجة في سبيل رضا القائد وعدم إزعاجه بالمطالبة بهيكلة الجيش.
وأشار الى وجود حالة استقطاب سياسي حاد وتغلغل للأجندة الأجنبية بشكل غير مسبوق في تاريخ السودان، مع عدم الوصول إلى توافق وطني إضافة للأزمة الإقتصادية، هذا الواقع المعقد يجعل خيار الإنتخابات (على الطريقة الليبية)، وأضاف أبوهاجة ان الفترة الانتقالية هي فترة مران والدولة المدنية لا تبنى بالتنازع الذي يؤدي إلى الفشل ويؤدي إلى ذهاب الريح.
وأبو هاجة يتحدث عن التنازع ولا يتحدث عن أسبابه، وهو الذي يعلم أن المكون العسكري، هو العائق الأكبر لهذا البناء المدني الذي يحاول الشارع السوداني تشييده، وان كل الاهداف ومطالب الثورة لا يحول بينها وبين التحقيق سواهم، وان معارك التنازع السياسي والشتات والتفرقة بين القوى السياسية كلها سببها المكون العسكري صانع الانقلاب وناقض العهود والمواثيق وممزق الدستور.
ولم يكتف المستشار بذلك وقال إن المكون العسكري بقيادة السيد الفريق أول عبد الفتاح البرهان زاهد في السلطة، وأكد حرص البرهان على الانتقال السلمي السلس، والقوات المسلحة والمنظومة الأمنية كلها مؤمنة بسودان حر ديمقراطي).
وحديث أبوهاجة عن ايمان الانتقال السلس ينفي التنازع الذي ذكره فإن كان المكون العسكري يسعى لانتقال سلس إذاً من هو الطرف الثاني في معركة النزاع، أم أن قوى الثورة والقوى السياسية تتنازع في بعضها، والمكون العسكري هو المغلوب على امره ، أي انتقال سلس والمدنية ينهشها المكون العسكري حد القضاء عليها انقلاباً، أي سلاسة والمكون العسكري يعرقل العدالة ويسيطر على القضاء والنيابات، ويمارس العنف ضد المتظاهرين، وتزعجه قرارات حمدوك المتعلقة بالإصلاح المؤسسي في الخدمة المدنية، عن اي انتقال سلس يحدثنا المستشار والشوارع الآن تئن من ثقل الحجارة الثقيلة تروساً وهي وحدها التي تكذب فرية السلاسة وتجعلها في شئ من زيف، انتقال سلس ومازالت المؤسسات الاقتصادية ومعادن وذهب السودان تسيطر عليه القوة العسكرية وتضع عليه يدها، انتقال سلس ورئيس الوزراء يلوح باستقالته بسبب تدخل المكون العسكري في قراراته.
غريب أن يحدث كل هذا، ويحدثك أبوهاجة الذي يبدو انه يكتب ليتجمل ويمارسها هواية لاقناع نفسه بسلاسة المكون العسكري في الانتقال والأكثر منها دهشة (زهد البرهان في الحكم)، اللهم لطفك وعفوك ورضاك .