جاء إعلان حزب جبهة التحرير الحاكم في الجزائر، عن اختياره للرئيس عبد العزيز بوتفليقة مرشحا له في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مثل إلقاء حجر في بركة، لكنه لم يحرك المياه السياسية الراكدة، حيث اتجهت كافة التوقعات إلى ذات النتيجة، بينما يفضل الشارع الجزائري الاستقرار “الغامض” بدلا من تغيير يتخذ شكل المغامرة، بحسب محللين.
وقال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، الأحد، إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، هو مرشح حزبه لرئاسيات ربيع 2019، لكن الأوساط السياسية لا تزال تنتظر كلمة الرئيس نفسه.
والتف عدد من الأحزاب حول مطالبة الرئيس بالترشح مجددا، من بينها التجمع الوطني الديمقراطي، والحركة الشعبية الجزائرية وتجمع أمل الجزائر.
وقال المحلل السياسي الجزائري، الصغير سلام، لموقع سكاي نيوز عربية، إن الإعلان من طرف الحزب الحاكم هو “مجرد رمي حجر في المياه.. وبالون اختبار”، مشيرا إلى أن النخبة الحاكمة لم تحسم بعد ترشيح الرئيس.
وأوضح أن “الإعلان لم يأت من طرف الرئيس شخصيا، وهو ما يدل على أن الأمر لم يحسم بعد”.
وبدلا من إنهاء جدل طويل بشأن ترشح الرئيس البالغ من العمر 81 عاما، فإن تصريحات ولد عباس “زادت الشكوك بشأن الترشح وقدرة الرئيس على خوض الانتخابات”، لافتا أيضا إلى احتمال وجود خلاف داخل الدائرة المحيطة بالرئيس جعل من إعلان الترشيح يأتي من رئيس الحزب.
وتحدث سلام عن خطة بديلة جاهزة لدى الحزب الحاكم، إذا لم يتم تمرير ترشيح الرئيس لعهدة خامسة، قائلا إن “الحزب الحاكم يجهز في جعبته وزير الطاقة السابق شكيب خليل كمرشح بديل”.
تساؤلات
واعتبر المحلل السياسي فيصل مطاوي، أن “إعلان ترشح بوتفليقة من طرف ولد عباس عمق من التساؤلات بدلا من أن يقدم إجابة”، مشيرا إلى تصريحات سابقة لرئيس حزب الحركة الشعبية الموالي للسلطة، الذي قال إنه لا يوجد قرار رسمي حتى الآن بشأن ترشح بوتفليقة.
وقال مطاوي لسكاي نيوز عربية، إن “ثمة من يضغط على الرئيس أو الدائرة المحيطة به من أجل إبقائه في السلطة، كضامن للاستقرار في البلاد”.
وأشار مطاوي، إلى أن قطاعا كبيرا من الشعب يفضل استمرار بوتفليقة من هذا المنطلق، وذلك في غياب حراك سياسي حقيقي من أجل التغيير.
وقال: “أعتقد أنه إذا أعلن بوتفليقة الترشح، سيبقى في السلطة مدفوعا بشعبيته القوية”.
وبحسب المحلل السياسي الجزائري، يرتكز بوتفليقة على إنجازات، في مقدمتها محاربة الإرهاب، والاهتمام بالمشاريع ذات البعد الاجتماعي، خاصة افتتاح مشاريع سكنية كبيرة للمواطنين، فيما استحوذت المشاريع الاجتماعية على 5 مليارات دولار في قانون الموازنة لعام 2019.
ولم تفرض في الموازنة الجديدة ضرائب إضافية، وهو ما يحافظ على القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين، خاصة القطاعات الهشة من المجتمع، وفقا لمطاوي.
لا يزيل الغموض
ورغم أن استمرار بوتفليقة لا يزيل الغموض عن المشهد السياسي، بسبب حالته الصحية الحرجة، والشكوك المتزايدة بشأن قدرته على القيام بمهامه، فإن الشعب الجزائري “يفضل الاستقرار الغامض على المغامرة الواضحة”.
ومن شأن الإقدام على ترشيح شخصية بديلة، إثارة عش الدبابير، وإطلاق صراع على السلطة، حيث لا تحظى أي شخصية بذات الرصيد الذي يتمتع به بوتفليقة.
ورغم وجود دعوات في صفوف المعارضة بالاتفاق على مرشح توافقي لمنافسة بوتفليقة، أو مرشح الحزب الحاكم، لكن لا يزال الاتفاق بعيدا بين الأحزاب المعارضة، والتي تعاني من ضعف برلماني وشعبي واضح، بحسب سلام.
ولم يُشاهد بوتفليقة في العلن إلا بين الحين والآخر، منذ أن أصيب بجلطة دماغية في 2013. وزار أوروبا عدة مرات للعلاج منذ الإصابة التي أبقته في مستشفى في فرنسا لعدة شهور.
ويحكم بوتفليقة الذي شارك في حرب الاستقلال 1954-1962 البلد العضو بمنظمة أوبك منذ أكثر من 15 عاما. وانتخب لفترة جديدة في 2014 بعد حملة لم يظهر خلالها إلا على كرسي متحرك حين ذهب للإدلاء بصوته.