صعود روح شهيد بسبب إطلاق الرصاص الحي في المواكب السلمية التي خرجت تندد بالإنقلاب يكون دائماً الحدث المؤسف الذي يسيطر عادة على خطوط الأخبار أثناء تغطية الأحداث، فقتل المتظاهرين السلميين، جريمة إنسانية من أفظع الجرائم التي يمارسها الحاكم الديكتاتور ضد شعبه، للبقاء أطول على كرسي السلطة، وللحفاظ على مصالحه التي ربما تتعارض مع مصالح العامة، ولكن يبدو ان ثمة شئ أكثر خطورة وبشاعة ، من قتل المتظاهرين بالرصاص الحي وهو استخدام الاسلحة الثقيلة لمواجهة الثوار العزل الذين يطالبون بالحكم المدني واحترام رغبة الشعب الذي ينشد التحول الديمقراطي.
ونشرت القناة الألمانية DW العربية تقريراً خطيراً تحدثت فيه عن استخدام أسلحة ثقيلة على مدى الايام التي تلت الانقلاب العسكري في السودان ونشرت صوراً خاصة بالقناة تظهر فيها سيارات رباعية الدفع عليها أسلحة ثقيلة تطلق النيران على المتظاهرين.
وأكدت القناة أن صور القتلى كانت أكثر بشاعة ما دعى اجراء القناة تحقيقاً في طبيعة الاسلحة المستخدمة التي يمكن ان تتسبب في هذا النوع من الإصابات وتواصلت DW مع مؤسسات معنية بالسلاح ومراقبته وانتشاره منها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ومعهد بحوث تسليح الصراعات وكانت النتيجة ان قوات الأمن السودانية تستخدم مدافع مضادة للطائرات في مواجهة المتظاهرين وتم حصر عدد من تلك الاسلحة الثقيلة وذكرت القناة ان هذه الاسلحة يتم تصنيعها في أربع دول (منها دولتين داعمة لانقلاب البرهان)، وهذا مني للتوضيح، وان الاسلحة حسب القناة يصل مداها الى ٨ كيلومترات أفقياً ونحو ٥ كيلومترات رأسياً ، ومنها أسلحة مزدوجة الماسورة بقطر ٢٣ ملم يصل مداه الى ٢ كيلومتر وسلاح مضاد للطائرات بماسورة قطرها ١٤.٥ ملم .
وواصلت القناة تحقيقها المميز والخطير وتواصلت مع عدد من الشركات المصنعة للأسلحة ولكنها لم ترد على القناة بأي معلومة حتى نشر التحقيق وطرحت اسئلة مباشرة من يمتلك هذه الاسلحة ، ووجدت ان أغلب هذه الاسلحة لا يمتلكها في السودان الا قوات الدعم السريع حسب ماتقوم به من نشر صور في صفحاتها الرسمية وهو أيضاً ما أكدته وأثبتته تقارير دولية وتحقيقات استقصائية سابقة ، كما ان تقارير الوفاة قالت ان الوفيات حدثت نتيجة طلقات نارية استهدفت الرأس والصدر.
وبحسب مستشارين في الامم المتحدة فإن الأسلحة ليست مجرمة في القانون الدولي ولكن المشكلة تكمن في طريقة استخدامها خاصة ان هناك مواثيق دولية تحدد نوعية الأسلحة التي يمكن استخدامها في حالات إنفاذ القانون لكن مضادات الطائرات ليست واحدة منها، لأن استخدامها أمر سيؤدي بكل تأكيد الي قتل المتظاهرين من المدنيين وسيكون استخداماً للقوة الزائدة عن الحد، وعزز ذلك بعض الخبراء العسكريين ان استخدام مضادات الطائرات لا يسمح به الا في المناطق العسكرية والمناطق المفتوحة خلال الحروب ويمنع استخدامه داخل المدن لأنه سلاح عشوائي يمكن ان تقتل به من تريد وتلحق به الضرر بمن تشاء وان ماتم من قبل القوات الأمنية السودانية مقابل المقتضيات الإنسانية والالتزام بالقوانين الدولية فيه خلل كبير، وتساءلوا هناك ثمة ضرورة عسكرية لاستخدام هذه الاسلحة ضد المدنيين المسالمين غير المقاتلين فيما تحدث خبراء في القانون الدولي ان استخدام السلاح الثقيل يشكل جريمة إبادة وجرائم ضد الإنسانية هذا اذا اتخذ هذا الفعل نمطاً اجتماعياً .
وهذا مايقودنا للسؤال المباشر من الذي قتل المتظاهرين من الثوار السلميين، ولماذا خرج رئيس المجلس السيادي لتبرئة قوات الدعم السريع بالرغم من علمه ان هذه الاسلحة لاتوجد الا بحوزتهم، والبرهان الذي أعلن براءة حميدتي استباقاً لقرار فرض العقوبات الفردية هل اراد حقاً ان يقدم الشرطة كبش فداء ، هل تمتلك الشرطة السودانية أسلحة ثقيلة ومضادات طيران، من الذي يملك هذا السلاح ويملك قرار التصريح لإستخدامه في مواجهة السلميين، وهل التشبث بالسلطة والمناصب يدعو الى استخدام هذه الاسلحة التي لانستخدم إلا في ساحات المعارك والحروب، وماهي العقوبات التي يمكن ان تفرض نتيجة لهذه الانتهاكات.
ألم نقل من قبل ان الثورة ستهدد حصونهم وتزلزل عروشهم ، وان العالم كله فشل في صناعة سلاح مرعب ومخيف ومدمر ومزلزل اسمه السلمية فخر الصناعة السودانية.
أنظروا فقط عندما أصابهم الرعب من صوتها كيف كان هجومهم دفاعاً عن مصالحهم؟! أسلحة ثقيلة ومضادات طائرات !! .
طيف أخير:
كل شيء يصبح جميلاً عندما نريد أن نراه جميلاً، نحن أسياد أفكارنا.