. بعض معلمي السودان خذلوك يا شوقي، ولو كنت مقيماً بيننا اليوم لأعدت النظر في قولك ” قُم للمعلم وفِه التبجيلا… كاد المعلم أن يكون رسولا.
. فليس من العدل ولا المنطقي أن نُطالب تلاميذنا وطُلابنا بالوقوف إجلالاً لمثل الفئة التي رأيت من معلمين لا علاقة لهم البتة بهذه الرسالة السامية.
. خجلت لمعلم (مفترض) يقول أن حميدتي راعي التعليم الأول في البلد.
. وقرفت من آخر يردد أن حميدتي أستاذ ومعلم وأنهم كمعلمين جنود للدعم السريع.
. وأحسست بإشمئزاز لا مثيل له لثالث يضيف أن حميدتي أكرمهم كمعلمين.
. ولعنت الفقر ألف مرة.
. وازداد كُرهي للمقاطيع الذين أوصلونا لهذا الدرك السحيق.
. وتضاعف استيائي عشرات المرات من حكومة الثورة التي غضت الطرف عن أمور كثيرة أولها معاش الناس.
. لو ردد ما سمعته في الفيديو المنشور بصفحتي على الفيسبوك بسطاء في أي بقعة من هذا الوطن، تجار، أو أي فئة أخرى من مجتمعنا لقبلنا ذلك على مضض.
. أما أن نسمع مثل هذا الغثاء وحديث الأرزقية والخنوع وتمجيد من نهبوا أموالنا وثرواتنا واستأثروا بها من معلمين يُفترض أنهم أدوات تغيير واقعنا المؤلم وأملنا في توعية وتنوير وتعليم أجيال ظللنا نتعشم في أن تقود تغيير المفاهيم فهو ما لا يستوعبه العقل ولا تقبله النفس السوية.
. احباط ما بعده احباط أن يصل بنا ضيق العيش لدرجة أن يصبح المعلم طبالاً.
. لن نغفر لحكومة الثورة تقصيرها وهوانها وخذلانها ومساهمتها بشكل أو بآخر في استمرار الاذلال الذي عانى منه الشعب السوداني لعقود طويلة.
. ولن ننسى لقادة مؤسستنا العسكرية تلكؤهم في اعادة الحقوق لأهلها وحسم أمر المليشيات التي كونها المقاطيع لأغراضهم الدنيئة.
. لكن مهما بلغ بنا الضيق، فهذا لا يبرر سقطة المعلمين.
. فهؤلاء سلاحهم أمضى من الدوشكات والدبابات التي يمتلكها حميدتي وبقية العصابات التي تتحكم في البلد وتقرر قي مصيره في غفلة منا.
. سقوط المعلم يعني أن نسلم أمرنا للصوص والمفسدين وقطاع الطرق وخونة الأوطان لعقود طويلة قادمة.
. فمن الذي سيربي النشء على حب الوطن والغيرة عليه ما دام المعلم يهلل ويبجل من لم ينالوا ولو حظاً قليلاً من التعليم.
. حتى الأمس القريب كنت مستاءً من حوار تلفزيوني فقير وركيك وسخيف أجرته مذيعة قناة الهلال مع مطربة الغفلة عشة الجبل.
. شعرت أثناء الحوار بأن واقعنا صار أليماً بدرجة لا تحتمل.
. أعلم أن الضيفة ليس لديها ما تقوله، لكن ساءني أن تستمر هذه القناة في نشر الجهل.
. فموضوع الحوار كان سخيفاً وغير ذي جدوى، وبدا لي أن المذيعة ومن ورائها يظنون أنهم مجرد صحيفة صفراء تنشر ما تريد.
. وبعد أقل من يوم وصلني على هاتفي مقطع فيديو آخر لمذيعتين فارغتين استضافتا واحداً يبدو أنه من الشخصيات الهلامية التي نصنعها من العدم في هذا السودان.
. كان الحوار الساقط حول هاتف وقع من صاحبه مقرفاً جداً لذلك لن أعيد تفاصيله هنا.
. المهم أن يفهم القائمون على هذه المؤسسة غير المحترمة التي تحمل اسم هلالنا العظيم الذي سطا عليه الكاردينال في غفلة أيضاً من أهله الحقيقيين ولا تزال القناة التي تُسمى مجازاً بالهلال مملوكة لهذا الغريب ولم تفلح لجنة التطبيع في استردادها.. المهم أن يفهموا أنهم قناة تلفزيونية تدخل بيوت الناس بلا استئذان.
. ويفترض أن يفهم القائمون على أمر الإعلام في البلد ورئيس حكومة الثورة أن ثورة ديسمبر العظيمة ما انطلقت إلا من أجل القضاء على مثل هذه (التفاهات) التي غمرت حياتنا في العقود الماضية.
. و حين استمعت لحديث المعلمين الفاضح تذكرت كل هذا وقلت لنفسي كيف لي أن ألوم مذيعة على ركاكتها، أو كاتباً يمجد إدارياً، أَو إدارياً يعبث بإحدى مؤسساتنا طالما أن هذا هو حال المعلم.
. بدلاً من التطبيل لحميدتي وأمثاله لكونهم يوفرون لكل صاحب حاجة القليل من المال لسد الرمق كنا نتوقع من هذه الشريحة أن تتساءل ولو مجرد التساؤل عن مصدر أموال حميدتي قبل أن يفتح أي منهم فمه لينطق بمثل هذه الكلمات المقرفة حقيقة والتي تمجد رجلاً جاء من العدم ليصبح فريقاً أول وصاحب ثروة ومال وقوات أضحت كشوكة الحوت (اللا بتنبلع ولا بتفوت).
. خجلت لكم والله وأشفقت على الحالة النفسية لمعلمين أجلاء غرسوا فينا احترام الذات والإباء والكرامة وعزة النفس قبل أن يعلمونا كتابة الكلمات.. أشفقت عليهم وهم ينتمون لفئة يسقط فيها زملاء المهنة مثل هذه السقطة المدوية.