كنت قد كتبت من قبل، إن رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان يستخدم كثيراً من الأدوات هذه الايام، لتحقيق مآربه في الانفراد بالسلطة ، واستخدم البرهان جملة من الأساليب التي لا تليق بمنصب رئيس مجلس السيادة لحكومة الفترة الانتقالية، حكومة مابعد ثورة ديسمبر المجيدة، ويتمدد الناظر ترك حد الغرور ليقدم نفسه رئيساً لدولة الشرق ، بعدما تحكم في أمور الدولة الاقتصادية ، باغلاق الطرق وتكليف الدولة خسائر فادحة.
والبرهان لا يهمه مايحدث، كل همه أن يكون رئيساً للمجلس السيادي لمزيد من الوقت او كل الوقت ، والغريب ان كل مايفعله ترك يستفيد منه البرهان في حرب المكايدة والنزاع بينه وبين المكون المدني متناسياً المواطن وما يعانيه من أضرار اقتصادية وأمنية.
ولا أحد ينكر حقوق أهلنا في الشرق الحبيب، لكن مايقوم به ترك الآن تجاوز حد المطالب السياسية، وتعدى به على حقوق المواطن ، وأصبح ترك الورقة الرابحة للمكون العسكري، الذي يشهرها البرهان لحماية عرشه.
ومجلس الوزراء يكوّن لجنة برئاسة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، وعضوية عدد من الوزراء للقاء المكون العسكري من أجل حل أزمة شرق السودان.
لكن ماذا فعل البرهان، رفض لقاء اللجنة بالأمس، وطلب لقاء رئيس الوزراء منفردًا أولًا قبل أي لقاء مع أي وزير والمكون العسكري مارس ضغوطات حادة على رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، لحل الحكومة، استجابة لمطلب ناظر الهدندوة محمد الأمين ترِك، بتشكيل حكومة جديدة يستبعد فيها بعض العناصر التي وصفها المكون العسكري (بالمخربة).
تخيلوا مكون في مجلس سيادة لدولة كاملة يرهن حل قضية الشرق بحل الحكومة، استجابة للناظر ترك ، وهذا يعني ان البرهان يشجع ويدعم ترك على كل مايقوم به ، كيف لا ومطالب ترك هي ذاتها مطالب البرهان ، فكيف للبرهان ان يكون الداء والدواء في آن واحد.
ونحن لسنا ضد الاصلاح في الحكومة التنفيذية، الاصلاح والتغيير واستبدال عدد من الوزارة والولاة الذين لم يكونوا بحجم المرحلة، لكن يجب ان لا يأتي هذا بناء على رغبة المكون العسكري، ولا أقول رغبة ترك ويجب ان يحترم المكون العسكري شعب السودان الذي عطل ترك حياته وتعدى على حقوقه وأرعبه ومارس الإرهاب الحقيقي على المواطن فمن المخرب بربكم..؟
وما الفرق بين ترك والبرهان ان كان ترك يرهن فتح الطريق بحل الحكومة، والبرهان يرهن الجلوس معها بالاستجابة لمطالب ترك، ترك يريد أن يعفي له حمدوك عدداً من الوزراء والبرهان يريد اعفاء بعض اعضاء المجلس السيادي ويريد ان يلغي الحاضنة السياسية.
ترك يمارس ابتزازه من الشرق والبرهان يمارس ابتزاز الحكومة من الخرطوم، ترك يجمع انصاره لاغلاق الطريق ، والبرهان ينفذ سيناريوهاته للانفلات الأمني في الخرطوم وتصويرها عاصمة تحضن الجماعات الإرهابية.
ويظن البرهان ان قوة ترك تعني قوته ويتناسى أن قبضة ترك وتسلطه وجبروته كلما اتسعت، اتسع ضعف البرهان وهوانه معها، بصفته قائداً للجيش ورئيساً للمجلس السيادي، عجز بكل قواته المتنوعة والمتعددة التي يرأسها ان يفتح طريقاً واحداً، ليصل الدواء والقمح الى شعبه، ولا يهمه ان مات المرضى في المستشفيات بسبب نقص الدواء، لا يهمه أن يجوع الشعب ، همه انه يكون رئيساً للفترة الانتقالية
والبرهان في العاصمة الخرطوم يرى ان شباب الثورة الذين يغلقون شوارع الخرطوم الداخلية بمواكبهم يعطلون حياة المواطن ويشلون حركة المرور، لذلك يأمر الشرطة بتفريقهم وإزالة متاريسهم، علماً أن أغلب مطالب الثوار لم يستجب لها البرهان يوماً ولم يعلق اجتماعاته مرة واحدة في السيادي بسبب مطالبهم.
ولماذا لم يستجب البرهان عندما طالب الشارع بتقديم المجرمين الذين قاموا بفض الاعتصام ، ولم يستجب البرهان عندما طالبوا بالمحكمة الدستورية من أجل تحقيق القصاص للاستاذ احمد الخير ولم يستجب البرهان ، عندما طالبوا بدمج قوات الحركات ودمج قوات الدعم السريع.
لذلك إن استجاب حمدوك لمطالب ترك لابد أن يستجب البرهان لمطالب الثورة ، فمثلما لترك مطالبه للثورة مطالبها ، وترك ليس بوزن الثورة ولا بحجمها، لأن ترك لا يعني الشرق.
فالثورة تريد، كشف اسماء المجرمين في فض الاعتصام وتريد اعفاء جميع اعضاء المكون العسكري، الثورة لاتريد حميدتي نائباً لرئيس المجلس السيادي، الثورة لا تريد الكباشي في المجلس السيادي، الثورة تريد تسليم كل الشركات التي تسيطر عليها المؤسسة العسكرية، الثورة تريد جهاز عدلي وقضائي لا يتدخل في عمله البرهان الثورة تريد المجلس التشريعي بمشاركة ثورية حقيقية
لذلك قد يستجيب حمدوك لمطالب ترك فهذا لا يكلفه شيئاً ولكن هل البرهان مستعد للاستجابة ؟!
طيف أخير:
مَن يهزم رغباته أشجع ممن يهزم أعداءه، لأن أصعب انتصار هو الانتصار على الذات.