كانت قصة في كتاب المطالعة.. حسن الطفل الصغير يطلب من والده الذي يسافر كثيراً صفارة.. .وينتظره بترقب وشغف عند كل عودة لكن والده لا يحضر الصفارة.. غضب حسن وسأل والده لماذا لا تحضر لي الصفارة التي أطلبها كل مرة ؟ قال والده أخاف يا حسن ان أحضرتها.. ان تزعجني بها.. رد حسن بكل براءة لا يا أبي أنا لن استخدمها الا عندما تنام.. هنا ضحك والده عالياً.. القصة تنتهي هنا.. وقد كنا صغاراً في ذلك الوقت لنفهم المراد من السرد.. لكن الاستاذة افهمتنا ببساطة ان استخدام الصفارة اثناء النوم هو قمة الازعاج.. يعني ان الذي يريد ان (يسعى ) صفارة يجب ان يعرف كيف ومتى يستخدمها.. و إلا فارقت الهدف الذي من أجله اقتنيتها.. بدلاً عن ان تكون ممتعة.. صارت مزعجة.
تذكرت قصة صفارة حسن.. قبل فترة وأنا أتابع هجمة (الفيس بوك) على الوزير خالد عمر وعلى تعاطيه (التمباك) علنا.. في ندوة صحيفة التيار الغراء.. رغم انه اجتهد في اخفائها لكن تقول شنو ؟ المهم الهجمة الخطيرة كانت شديدة لدرجة انني حتى هذه اللحظة لم أعرف ما الذي قاله خالد عمر في تلك الندوة وما هي الاسئلة التي وجهت اليه وكيف كان رده عليها.. حتى انني قلت ليته اشعل سيجارة لم يكن أحد ليحفل به رغم ان الاثنين تبغ.. ومتعاطي التمباك يضر نفسه فقط اما متعاطي السيجار فانه يضر نفسه وآخرين معه..
المهم.. ان الأمر أخذ زمنه وانتهى.. أخدت نفس وقبل أن أكمل الزفير.. اذا بزواج الفنانة عائشة الجبل يطغي على الاسافير.. تفتح الفيس تلقي صور العرس.. تفتح الواتساب تلقى مقال يتحدث عن الاسراف والبذخ مرفق بالصور لتأكيد المعلومة.. أي مكان تذهب اليه في تلك الايام كان هذا الزواج هو محور النقاش حتى اذا رفعت حجراً لوجدت تحته ورقة تتحدث عن فستان عائشة الجبل.. في تلك اللحظات خطرت على بالي صفارة حسن مرة أخرى.. وقلت لنفسي ما أشبهنا بحسن.. اذ لم نحسن كيف نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي وصارت بدلاً عن امتاعنا.. تزعجنا وتفضح لنا ما كان الله يخفيه عنا لحكمة يعلمها هو.
لو سألت كل الناس الذين اجتهدوا في نشر صور الزواج او صور السيد الوزير .. وكمية النقد الذي انهالوا به على الاثنين.. لو وجهت لهم السؤال (ما هي الفائدة المرجوة من ذلك الفعل؟) لحار بهم الرد.. اذ ان أغلبهم كان في حالة (زعل) حقيقية اثناء كتابة (البوست) ولو انه ترك نفسه تهدأ قليلاً وأعاد النظر كرتين.. لو وجد ان الامر اما انه لا يدخل في دائرة الاختصاص.. او انه فعل يخص حالة محددة للفاعل وستزول بزوال المؤثر.. وبالتالي سينحصر (الفعل المؤذي) في دائرة ضيقة وانتهى في مكانه دون ان يسمع به احد.. ولكفانا نحن رواد الفيس شر الضياع.. اذ اننا نفتح صفحات الاسافير بنية الاستفادة.. اذا بنا نجدها وقد امتلأت عن آخرها ب(شمارات) لا تسمن ولا تغني من جوع.
وسائل التواصل الاجتماعي يستخدمها البعض لاكتساب المعرفة.. بعضهم يستخدمها لاغائة الملهوف.. بعضهم يكتب قطعاً أدبية نادرة لا تجدها بين أضابير الكتب.. بعضهم يرسم لنا لوحات تسر العين والخاطر.. بعضهم ينثر لنا درراً شعرية.. بعضهم يكتب أبحاثاً علمية.. بعضهم يبحثون عن التائهين.. والمفقودين.. بعضهم يدلون الآخرين على منابع الخير والصدقات.. بعضهم يحث على الخضرة والمنظر الحسن.. صفحات كثيرة مضيئة.. تستخدم صفارة حسن خير استخدام فتكون النتيجة الحاناً جميلة ترقى بالنفس والوجدان.. فاحسنوا يا أصدقاء استخدام الصفارة.. ذلك انه على هذه الأرض ما يستحق الحياة.