صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

(شووووبش)..مليار من الوجيه أردول للعريس مناوي

12

بشفافية – حيدر المكاشفة

(شووووبش)..مليار من الوجيه أردول للعريس مناوي

(شوووبش) لمن لا يعرفونها من الأجيال الطالعة، هي ممارسة شعبية طقوسية تقام ليلة زفاف العريس لمساعدته مادياً، وكان يتولى مزاد اعلان التبرعات شخص ذو صوت جهوري، يعلن على الملأ اسم المتبرع والمبلغ المتبرع به، كأن يقول مثلا (شوووبش عبدالرحمن الضكران مليون جنيه)، فتزغرد النساء ويكبر الرجال وتتهلل أسارير العريس، وكان المعلن يمهد لاعلان التبرع بعبارة (شووووبش) يمطها هكذا لجذب الانتباه، ولا أعرف أصل هذه الكلمة وفصلها ولم أقف على تفسير لها، فحتى استاذ الاساتيذ (قوقل) عجز عن أن يجد تفسير لها..المهم أن أول ما تبادر الى ذهني حين اطلاعي على (جليطة) ان لم نقل جريمة مبارك أردول بتبرعه بمبلغ ملياري لحفل تنصيب مناوي، كانت هي (شووووبش) مع الفارق طبعاً، اذ أن متبرع شوبش يدفع من حر ماله ومن جيبه الخاص وبقناعته ورضائه التام، على عكس ما فعل أردول، فالمال المتبرع به ليس ماله الخاص كما ان الشركات التي استحلب منها المال دفعته مضطرة تحت التلويح بالتهديد على طريقة (والا سوف ترون والسلام)..كما لك ان تقول في فعلة أردول، أنه تصرف في المال العام كما كان يتصرف ملوك وامراء العرب خلال العهدين الأموي والعباسي، من شاكلة (أمرنا له بمائة ألف دينار وناقة صهباء وجارية حسناء وفرس مطهم)، حيث لم تكن هناك حدود فاصلة مابين ما للسلطان وما للأوطان..

الحقيقة المؤلمة اننا نظلم أمراء وملوك العرب بمقارنتنا ما كانوا يفعلونه بما فعله أردول، ففعلة أردول أشنع وأخطر، اذ ان ما كان يفعله الأمراء والملوك في الزمن الماضي، يمكن تبريره بأنه يقع ضمن نسق ونمط الحكم والسياق الثقافي والتاريخي الذي ساد خلال تلك الحقبة في بلاد العرب، وكان ذلك قبل بروز الإطار المؤسسي للدولة الحديثة، ولكن ما الذي يبرر الآن أن يكون هناك مال عام يصرفه بمعرفته ويتبرع به من يشاء على من يشاء وفي ما يشاء، أليس في ذلك ثغرة يمكن أن يتسلل منها الفساد بتحويل هذا المال لمصلحته أو لمصلحة بضعة أشخاص، وأيضاً ما الذي يبرر لأي مسؤول في الحكومة كبر أو صغر أن يعلن تبرعه لأي كان على طريقة أردول (شووووبش مليار جنيه من الوجيه أردول للعريس مناوي)، ثم هب أن بند المسؤولية الاجتماعية يسمح بمثل هذا التصرف، فما الضمان أن لا يذهب هذا المال الذي استخرج باسم شخص الى غير المشروع المتبرع له ويدخل الجيوب، طالما أنه غير مرصود ويتم الحصول عليه بطريق خاص وغير مؤسسي، ثم لماذا هي تبرعات ما دام أنها من المال العام ولن يدفعها المسؤول من جيبه وماله الخاص. الشاهد هنا أن (التجنيب) ليس وحده المدخل للفساد، فمثل هذه الممارسات تدخل أيضاً في هذا الباب الذي يدخل منه الفساد، بل هو فساد بائن ويجب إبعاد مرتكبه بتطليقه من مقعده الوظيفي طلاق بائن بينونة كبرى لا يعود بعده لأي موقع رسمي..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد