صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

حتى لا تظل الثورة دار مأتم وأهلها في حداد

15

———-

ما وراء الكلمات – طه مدثر

حتى لا تظل الثورة دار مأتم وأهلها في حداد

(0)

وقعت جريمة بأحدى القرى بدولة من دول أوروبا في العهود الوسطى، فقد ارتكب حداد القرية جريمة قتل واضحة الأركان، وهو شخص لا تستطيع القرية الاستغناء عنه لما يقدمه لها من خدمات، وتم الحكم عليه بالاعدام شنقا حتى الموت، ولكن أهل القرية اصابتهم الحيرة كيف يعدمون الحداد؟ ومن هو البديل ليخدمهم؟ ولكن القاضي الضليع اهتدى لحل يرضي أهل القرية، فقد قرر القاضي اعدام الترزي!! وقد يقول قائل: ولكن ما ذنب الترزي؟ والاجابة كانت عند القاضي الذكي الذي قال بالقرية (ترزيان) احدهم (حريمي والآخر رجالي) وان اعدام أحدهما لن يعطل عجلة التنمية بالقرية !!.

(1)

ونحن هنا بالسودان الذي أصبح قرية كبيرة (بسبب عدم توفر الكهرباء والماء وتدني اغلب الخدمات) لدينا جريمة قتل عظمى، بل هي جريمة ضد الإنسانية فان مجزرة فض اعتصام القيادة العامة لهي جريمة متكاملة الأركان، ومعلوم من خطط ودبر لها ومن نفذها بكل احترافية، وبكل حقد اسود فتم تكوين لجنة قانونية برئاسة الأستاذ نبيل اديب وآخرين، كانت مهمتها الكشف عن تفاصيل تلك المجزرة ومنحت للجنة صلاحيات عديدة، وجلسنا ننتظر نتائج اللجنة ولكن طال انتظارنا ولم تظهر أي نتائج وأصاب الناس الضجر من بطء وسحلفائية ادأها.

(2)

وكأن بالسودان من أراد تقديم الجناة للعدالة، كان كمن أراد من الأعمى عينا بصيرة أو كمن أراد من الثعلب هداية ودينا، ولم يكن الثوار يطلبون من لجنة الاستاذ نبيل اديب ان يشق بطن الحوت ويخرج لهم قتلة فض الاعتصام، لم يطلبوا منه البحث عن بقايا حطام سفينة سيدنا نوح عليه السلام عله يجد تحتها أدلة تقوده الى الجناة، ولم يطلبوا منه أن يكون كهدهد سليمان فيأتي لهم من سبأ بنبأ يقين عن القتلة، ولم يطلبوا منه العثور على عصا سيدنا موسى عليه السلام حتى يتوكأ عليها وتقوده إلى وكر أو قصر قتلة شهداء فض اعتصام القيادة العامة.

(3)

فليس من المنطق ان تظل لجنة اديب تعمل طوال هذه الفترة، ولم تصل بعد الى نهايات ترضي أسر الشهداء وتبرئ الجرحى والمصابين وتمنح الأمل بعودة المفقودين وتقرب القتلة والسفاحين من حبال المشانق؟ ليس المطلوب من الاستاذ نبيل التمسك برئاسة اللجنة ومواصلة العمل وهو من أخفق حتى اللحظة في إيجاد تبرير منطقي لهذا البطء في عمل اللجنة.

(4)

وغدا يخرج الشارع الثوري في ذكرى انتصار الثلاثين من يونيو، ويخرج معهم خلسة وخفية وخسة وغدرا وتخريبا فلول انكسار ثورة الإنقاذ الوطني المبادة، ويخرج الشارع مطالبا بالقصاص للشهداء، ومطالبا الاستاذ نبيل واعضاء لجنته بأمرين أما تقديم ملف قتلة شهداء ميدان القيادة، أو برفع أيدهم عن هذا الملف حتى لا تظل الثورة دار مأتم وأهلها في حداد ونضحي بشهداء وجرحى جُدد.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد