لم تخطأ قراءة المتابعين لخطاب دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك في مايخص الدعوة للإصلاح وتوحيد الكتلة الانتقالية لأن حديث حمدوك كان واضحاً وجلياً ينص على (إن أسس التسوية الشاملة تشمل توحيد الكتلة الانتقالية، وتحقيق أكبر إجماع ممكن داخلها حول مهام الانتقال، والشروع مباشرة وعبر جدول زمني متفق عليه في عملية الوصول لجيش واحد مهني وقومي بعقيدة عسكرية جديدة عبر عملية للإصلاح الشامل، وكذلك وحدة مكونات الحرية والتغيير.
لكن البعض قرأ خطاب حمدوك إنه لم يختصر الدعوة على أحزاب قحت و الاحزاب الأخرى غير المشاركة في قوى الحرية والتغيير، بل أنه يدعو حتى أحزاب المعارضة دعوة أشبه بالحوار الوطني الذي دعا اليه من قبل حزب المؤتمر الوطني ، ووصف البعض خطاب حمدوك بأنه لا يختلف عن خطاب البشير الأخير الذي قال فيه انه يريد ان يكون على مسافة متساوية من كل الأحزاب.
ويبدو أن رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل أول من قرأ الخطاب بالمقلوب عندما خطف نسخة من المبادرة ، لم تصله رسمياً من قبل مكتب رئيس مجلس الوزراء حيث راجت بعض الاخبار على الاسافير ان حمدوك أرسل نسخة الى مبارك الفضل و( قال ايه) إن رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل يرفض المبادرة التي طرحها رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك اول رد فعل رسمي على مبادرة حمدوك وناشد مبارك الفاضل الدكتور عبد الله حمدوك بتقديم استقالته بعد اعترافه الصريح بالفشل ودعا الفاضل المكون العسكري اعادة تشكيل السلطة الانتقالية من كافة القوى التي شاركت في الثورة وإقامة انتخابات عامة بعد التشاور مع القوى ذات الوزن الانتخابي مبيناً ان ملفات السلام والعدالة شهدت فشلا ذريعا).
فمبارك الفاضل الذي يبحث عن دور البطولة لم يقل في بيانه ان المبادرة وصلت اليه رسمياً من رئيس مجلس الوزراء ،حتى يكون بيانه ذو قيمة ووزن ، لأن مبادرة حمدوك ان وصلت الى مبارك الفاضل الوزير الأسبق في حكومة المخلوع ، فيجب أن تكون وصلت الى كل الأحزاب الأخرى ومن بينها المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني المحلول فما الفرق بين مبارك الفاضل وبينهم ؟
وعداء مبارك لحكومة حمدوك لم يكن حديثاً، حتى يلبسه الآن رداء الاصلاح لفشلها الذي يرى، فهو المنادي همساً وجهراً للمكون العسكري حتى يستلم السلطة، وهو الذي صرح من قبل إن رئيس الوزراء الإنتقالي عبد الله حمدوك ليس شخصية مفتاحية في الثورة السودانية ، وان وجوده من عدمه، لا يغير في الواقع من شئ ودعا حزب الأمة جناح مبارك صراحة الى حل لجنة إزالة التمكين فوراً ومراجعة كافة القرارات التي أصدرتها وهي اللجنة الحكومية المعنية بتصفية عناصر النظام السابق من أجهزة الدولة ومصادرة ممتلكاته وهذا يعني أن مبارك لا يريد المساس بقادة المؤتمر الوطني ولا بممتلكاتهم ، وهو ذاته الرجل الساخر من مجلس السيادة وقال (إنّ مجلس السيادة أكبر من فريق كرة جايبين لينا ناس كانوا عَطَالة في دول المهجر كانوا منتظرين يشتغلوا).
وجاء خبر وصول نسخة الى مبارك منسوباً لإحدى الصحف فقلت في نفسي كيف تصل مبارك نسخة من مبادرة رئيس مجلس الوزراء ولم تصل الى نافع اليس بشئ غريب ؟!
وهانت الثورة وهان مشروعها ان كانت تبحث لحلول ومخرج عند السيد مبارك الفاضل ، فالرجل حتى ان أردنا ان نقول ان المبادرة تبحث عن قيادات وعقول وطنية فهو الذي لم ينحاز الى وطنه عندما رفض السودان المبادرة الاماراتية واعتبرها تدخل في الشأن الداخلي ، خطأ واضح شعرت به الامارات نفسها وسحبت مبادرتها ولكن ماذا قال مبارك الفاضل.
اعتبر الفاضل رفض السودان للمبادرة الإماراتية لإنهاء النزاع الحدودي بينه وإثيوبيا، خطأ كبيراً أفقد السودان فرصة حسم سيادة منطقة الفشقة لسيادته، واستثمارات تبلغ نحو 8 مليارات دولار، وتحقيق السلام مع الجارة إثيوبيا وقال رئيس «حزب الأمة»، ان المبادرة تخدم أهداف السودان الاستراتيجية في تحقيق السلام مع الجارة إثيوبيا، وتنمية وزراعة مليوني فدان من أخصب الأراضي بأحدث التقنيات، وتثبيت سيادة السودان على أراضي الفشقة بكاملها.
لذلك ليجمع مبارك الفاضل بياناته ويحتفظ برده فالوضع الراهن يجعل المواطن في حاجة الى سماع عقلاء الوطن الذين لا تعلو مصالحهم الحزبية والشخصية على مصلحة الوطن، وان رئيس مجلس الوزراء تحدث عن انقسامات قحت والخلافات العسكرية العسكرية ونادى بوحدة كل مكون فما الذي اقحم الفاضل هنا فبربكم مانعيشه الآن هل تنقصه بيانات مبارك ان رفض او وافق فما الذي يفرق وما الذي يضيفه ؟!
طيف أخير :
تسعة وتسعون وصيّة أولها وأوسطها وآخرها ثقتك لا يستحقها الجميع