تنبع فكرة التأمين الصحي في المقام الأول من مبدأ التكافل والتعاضد المجتمعي، والتكاتف مع الآخر ويعتبر التأمين الصحي واحداً من الواجهات الإنسانية التي تقوم على الاهتمام بالمواطن وصحته ويمثل نظامه وجه من أوجه الضمان الاجتماعي، لذلك فهو يجب أن يكون واجهة حضارية التعامل فيها يختلف عن غيره في دور ومؤسسات الخدمة المدنية.
لكن المحاصصة والمحسوبية وعدم الكفاءة والمجاملة ومنح الوظائف كعطايا وهبات ومنح ، ينعكس دائماً على الاداء الوظيفي ويكون سبباً في الفشل الإداري، وبالتالي فشل في القيام بالمهام الموكلة للموظف او المدير او غيرهم من الذين تقع على عواتقهم المسئولية، بالتالي يقابل هذا الفشل انهيار مؤسسي.
ومؤسسات الخدمة المدنية دون غيرها تتأثر بصورة مباشرة ، لأن الاداء فيها ذو صلة بالمجتمع فنقص الالتزام بقواعد وأدب الوظيفة يكون ظاهرة اجتماعية تستوجب الوقوف عندها
وتفاصيل قصة غريبة وحادثة دخيلة على المجتمع السوداني، وعلى مكاتب مؤسسات الدولة، روتها الأستاذة هيام احمد عبد الجليل ضابط خدمة بهيئة التأمين الصحي محلية أمبدة، بطلها مدير محلية التأمين الصحي بمحلية أمبدة، والذي جاء في زيارة إشراف للمكاتب وعندما دخل على مكتب الموظفين كانت هيام حسب روايتها منهمكة في عملها اليومي والروتيني فألقى المدير التحية على الجميع وردت هي أيضاً لكنها واصلت في عملها فجلس المدير على كرسي غاضباً وأمام الموظفين قال لها (قومي على حيلك جيبي مويه) واندهشت وشاركها الاندهاش جميع الحضور بحكم انه يوجد موظف لهذه الخدمة فردت لا يوجد ماء بالمكتب، وبعد خروجه لحقت به في مكتبه لتسأله عن سبب تعامله معها بهذه الطريقة المستفزة أمام الزملاء فكان رده (انتي عايزه تصلي لشنو بالضبط ) في اشارة منه انها لم تحترمه عندما دخل على مكتبها فهو يريدها ان تنتظره واقفة وهو الامر الذي اعتبره نوع من عدم الاحترام، وبدأت هيام تدافع عن نفسها وتقول انها لم تقصد أبداً عدم احترامه.
والى هنا قد تبدو الحكاية عاديه ولكن ماذا فعل المدير قام بطردها من المكتب فرفضت الخروج بحجة انها تتمسك بمعرفة السبب الذي أضطره للقيام بذلك.
فما كان من المدير إلا ان أغلق عليها الباب وتركها داخل المكتب فعندما طالبته بفتح الباب قال لها ان اردتي أن تخرجي فلابد ان تكتبي الآن استقالتك فرفضت هيام كتابة استقالتها، ولأنها تعاني من مرض السكر تعرضت للإغماء وعندما افاقت اتصلت ببعض الزملاء الذين اجتمعوا في مكتبه وطلبوا منه ان يفتح الباب ورفض السيد المدير بعدها قال له البعض من الحضور ان لم تفتح الباب سنقوم بكسره ونخرجها ، وفي نهاية الأمر استجاب وفتح الباب ليجدوا هيام مغمى عليها للمرة الثانية و دونت هيام بلاغاً بقسم شرطة محلية امبدة بالرقم( ١٦٤ ) في مواجهة المدير) .
انظروا لهذه الحكاية التي تحمل في طياتها كثير التفاصيل المحزنة أولها التصرفات (الصبيانية) للسيد المدير والذي قال عنه بعض الموظفين انه شاب في مقتبل العمر تم تعيينه بواسطة والي الخرطوم أيمن خالد نمر ، ولأن (الود المدير) أصابه غرور الوظيفة المبكر ، وامتلأ قلبه بالنرجسية وحب الذات كان أكبر همه كيف يقابله الناس عندما يدخل على مكاتب الموظفين ، ولأنه خاب ظنه ولم يجد مايتمناه بدأ يعوض عن هذا الشعور والإحساس المفقود بتوجيه الإهانة للموظفة وتسبب في تعرضها الاغماء فمدير لم تهمه صحة موظفه معه كيف يشغل مدير التأمين لصحة المواطنين.
ثاني التفاصيل المؤلمة هو ان المدير لا يدرك ان الذي مارسه على الموظفة يعتبر عنفاً وظيفياً يعرف باللجوء الي تعامل يتعارض مع المعنى الإنساني ، والذي بالتأكيد يظهر السلوك العدواني الذي يتعرض له العاملون بأشكاله المختلفة، ويؤثر في السلوك الوظيفي، وله تأثير على الجوانب الاجتماعية والنفسية هذا غير انه يخالف القانون ويتعارض مع القيم والأخلاق التي تحتم احترام المرأة ، لاسيما في عهد التغيير الذي كانت المرأة من أهم أدواته.
ثالث التفاصيل ان المدير (الفرحان) بالوظيفة أثبت ان شروط البقاء في الوظيفة وفقدانها يعتمد على أن يقدم الموظف شروط الولاء والطاعة والانحناء لسيادته فمهما كانت كفاءته وسنوات خبرته فلن تشفع له.
يحدث هذا في المؤسسات والبلاد تعاني من جملة أزمات وتنتظر الاصلاح المؤسسي، وكيف الخروج من هذا النفق المظلم، لطالما ان هذا هو الحال ، لذلك هي شكوى وصرخة امرأة ضعيفة نضعها على طاولة والي الخرطوم السيد أيمن خالد نمر ، عله يستطيع ان يكبح جماح هذا المدير الطائش الذي يستغل موقعه حد الاعتداء على الموظفين بهذه الأساليب الخطيرة التي قد تقود الى الموت لا قدر الله.
طيف أخير:
( محن وعجائب )!!