(ضوء آخر النفق) light at the end of the tunnel،عبارة تكررت مرارا وعلى لسان أكثر من مسؤول رفيع بحكومة الفترة الانتقالية، قالها الدكتور جبريل ابراهيم وزير المالية في معرض دفاعه عن سياسة رفع الدعم، اذ قال بالحرف في المؤتمر الصحفي الذي عقده لهذا الغرض بمعية وزير النفط جادين علي عبيد(نعمل في إجراءات إقتصادية مؤلمة لأننا وجدنا اقتصاد مشوه وليس لدينا حل سوى إستئصال المرض بجراحة مؤلمة حتى يتعافى الاقتصاد) وأضاف (هنالك ضوء في نهاية النفق)، ومثله فعل وزير النفط، ثم أعقبهما رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك ليعيد تكرار ذات العبارة في خطابه الذي وجهه للشعب السوداني بعد أن طالته شخصيا كثير من الشنشنات والانتقادات بسبب هذه السياسة، حيث قال بالحرف في ذاك الخطاب (لم يكن أمامنا خيار غير تبني برنامج للإصلاح الاقتصادي، فهو خيارنا الوحيد، الذي لم يفرضه علينا أحد أو تصر عليه جهة، ولسنا مرغمين على ذلك، لكنه الخيار الواعي الذي وجدنا أنه كفيل بإصلاح الوضع الاقتصادي، ونعلم قسوته وصعوبته، لكنه كان الدواء الوحيد لمثل ظروفنا وواقعنا، ورغم كل هذا دعوني أقول هناك ضوء في آخر النفق)..الشاهد في عبارة هناك ضؤ في آخر النفق التي اصبحت كليشيه تردده الحكومة وانصار هذه السياسة، أن النفق المعني معلوم لدى الكافة ولا يحتاجون لمن يعرفهم به لأنهم ببساطة ما زالوا يكابدون ظلمته الحالكة، وكان الأجدر بالحكومة أن توضح لهم حقيقة ذلك الضوء الذي يلوح في آخر النفق وتراه هي ولا يرونه هم، فالحقيقة أنه ما من ضؤ حتى يوم الناس هذا ولا حتى ومضة شعاع خاطفة تلوح في آخر النفق، فالحكومة تتحدث فقط عن توقعاتها لمآلات سياستها، فالأزمة لا تزال تراوح مكانها بل هي كل يوم في تأزم يزيدها تأزيما، ولو كانت الحكومة استطاعت أن تزيح عن كاهل الشعب المثقل ولو مثقال ذرة من ما يكابدونه من ضوائق، لحق لها عندئذ أن تحدثهم بملء فيها عن (الضوء الذي يلوح في آخر النفق)، وكان عليها أن تصبر الى أن يلوح بصيص ضوء حقيقي في آخر النفق، فتشير اليه صادقة فيصدقها الناس، ولأن ما تقوله الحكومة يصادم الواقع المعيش صار الناس يخشون ان تدخلهم الحكومة في دهليز لا نهاية له وليس مجرد نفق..وقد احترنا والله نحن معشر الكتاب والصحفيين الذين يعتبرنا عامة الناس من العالمين ببواطن الأمور والمدركين لحقيقة الأوضاع، بم نجيبهم عندما يلقون في وجوهنا بسؤالهم المحرج (البلد دي ماشة وين)، هل نقول لهم (هناك ضوء في آخر النفق)، كلا وحاشا اننا نريد انجاز محسوس وملموس ومعاش لنقول لهم على سبيل المثال انظروا الا ترون ان الخبز رغم ارتفاع سعره (راقد هبطرش)، وألم يستلم 80 في المائة من أفراد الشعب السوداني دولارات ثمرات، أما سؤالهم المحرج الآخر عن المدى الزمني الذي ستنجلي فيه هذه الغمة، سنتين، ثلاث، خمس سنوات، نعجز عن الاجابة بل الحكومة نفسها ستحار جوابا لأن أمرها ليس بيدها، وانما بيد الخارج الذي يتحكم في المنح اذا صدق وعده ومتى يكون العبور وليس حمدوك..لابد لنا ختاما وعلى ذكر عبارة (آخر النفق) ان نذكر بالفخر والاعزاز (جمهورية أعلى النفق)، أولئك الثوار الاشاوس الذين اتخذوا من أعلى نفق كوبري النيل الأزرق قرب مكان الاعتصام موقعا لهم، يبثون ضرباتهم على جنبات النفق الحديدية، ويسمعون العالم هتافاتهم الداوية لرفع إيقاع الثورة، بلا كلل ولا ملل آناء الليل وأطراف النهار،(دولة مدنية أو ثورة أبدية)، (سقطت ما سقطت صابنها، دولة مدنية وقاعدين للضحية).. ثوار أطهار أنقياء لايعرفون متاهات التكتيكات والمكايدات ولا أحابيل وحيل الساسة، و…شن جاب لي جاب..