في الأنباء أن مجلس الأمن والدفاع برئاسة البرهان، التأم يوم الاحد الأول من أمس على خلفية أحداث الثالث من يونيو الجاري والأحداث الجارية في جنوب دارفور واحداث خور برنقة بولاية غرب دارفور، وأصدر عددا من القرارات التي من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار وفرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون..وظل هذا هو دأب مجلس الأمن والدفاع كلما وقعت واقعة سارع للانعقاد واصدر ذات القرارات، فيما تظل حالة الاضطراب الأمني قائمة، وسيادة حكم القانون غائبة، وهيبة الدولة مفقودة، وهكذا دواليك تستمر ساقية الواقعات التي تصدر بشأنها نفس القرارات و(بس خلاص)..ومع هذه الحالة الدائرية صرت كلما ذكرت مفردة (هيبة الدولة) تقفز الى ذهني الأغنية التراثية الشعبية (سمحة الهيبة فوق مختار)، التي تمجد صنيع مختار الذي استطاع أن يفرض هيبته بفعل ناجز وعملي وليس عن طريق اصدار قرارات، ول(هيبة مختار) هذا قصة سنأتي عليها..
وحتى لا يدور مجلس الأمن والدفاع في حلقة مفرغة وتبقى قراراته عن فرض هيبة الدولة فارغة لا تتحقق، عليه أن يسأل نفسه عن ماهية هيبة الدولة، وكيف تكون الدولة مهابة، هل بأن تتصرف عبر سياساتها وخططها وممارساتها، بالشكل الذي يجلب لها الاحترام ويوطن هيبتها في نفوس المحكومين ويحوز أداءها على رضائهم، أم يمكنها أن تفرض هيبتها عنوة واقتدارا بغير سبيل العمل والانجاز والعدل والانصاف، واحقاق الحقوق كافة ورفع المظالم، فالدولة لا تتحصل على هيبتها الا بعد أن تنجح في التطبيق الصارم للقانون وفرض احترامه عن طريق الإقناع والإدماج والردع المشروع، وليس بواسطة الإكراه التعسفي والشطط في استعمال السلطات، وهي تنجح في ذلك حين تبدأ بمعاقبة المسؤولين الكبار قبل الصغار. وهيبة الدولة تتعاظم في اللحظة التي يحس فيها المواطن مع الدولة بالأمن والأمان وبالحماية والعناية والرعاية، ويدخل في حكم ذلك الحضور الدائم للدولة وتدخلاتها في أوقات الأزمات والشدائد، وقدرتها على الحفاظ على التضامن الداخلي وانسجام مكونات المجتمع..وعودة ل(هيبة مختار) التي أتينا على ذكرها، نقول ان تلك الاغنية التراثية الذائعة، كتبت في العمدة مختار ود رحمة ناظر العبيدية وهو من قبيلة الميرفاب، وﻳﻘﺎﻝ ﺃﻥ عمدة ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﻳﺔ ﻣﺨﺘﺎﺭ ود رحمة ﻛﺎﻥ ﺭﺍﻛﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﺮ، ﻭﺍﻟﻘﻄﺮ ﺯﺣﻤﺔ ﺷﺪﻳﺪ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺭﺍﻛﺒﺔ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻮ امرأة إﺳﻤﻬﺎ (ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﺔ ﺑﺖ ﻋﻠﻲ ﻭﺩ ﺑﺸﻴﺮ) ﻣﻦ قبيلة (الجهيماب ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﻳﺔ)، ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺘﻮ. ﻓﺠأﺓ ﻓﻲ ﺣﺮﺍﻣﻲ ﻧﺸﻞ ﺍلمرأة ﻣﺒﻠﻎ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎل ﻓﻲ الزمن داك . ﺍﻟﻤﺮأة ﺑﻜﺖ ﻭ ﻛﻮﺭﻛﺖ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ إﺗﻠﻤﻮﺍ..ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺸﻠﻚ ﻣﻨﻮ، ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻴﻬﻡ ﺍﻟﺮﺍﺟﻞ أﺑوعمة ﺩﺍ (تقصد مختار) .. لم يحاججها مختار وﻗﺎﻝ ﻟﻴﻬﺎ ﻗﺮﻭﺷﻚ ﻛﻢ، ﻗﺎﻟﺖ 20 ﺟﻨﻴﻪ (ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺒﻠﻎ ﻛﺒﻴﺮ وقتها)، وعلى الفور سلمها العشرين ﺟﻨﻴﻪ، لكن المرأة بعد ان استلمت القروش سلت لسانها وبدأت تشتم وتسب مختار من شاكلة (راجل ﻗﺪﺭ ﺩﺍ ﺗﻨﺸﻞ ﻗﺮﻭﺷﻲ) ومختار صامت ﺧﺸﻤﻮ ﻣﺎ ﻓﺘﺤو، ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﺎ المرأة ﺑﺘﻜﻮﺭﻙ ﻭﺗﻬﺮﺝ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻤﺪﺓ ﻣﺨﺘﺎﺭ، ﺟﺎء ﺍﻟﺒﻮﻟﻴﺲ ﺳﺎﻳﻖ ﻟﻴﻬﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻴﺴأﻝ ﻓﻴﻬﻮ ﺍﻟﻤﺮﺍ ﺍﻟﻨﺸﻠﺘﻬﺎ ﻭﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺩﻳﻞ ) . ﺍﻟﺤﺮﺍﻣﻲ ﻗﺎﻝ ﻟﻴﻬﻮ : ﻳﺎﻫﺎ ﺩﻳﻴﻴﻴﻴﻴك . ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺭﺟﻊ ﻟﻠﻤﺮﺍ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺟﻨﻴﻪ، ﺍﻟﻤﺮﺍ ( ﺧﺠﻠﺖ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺑﺪﺕ ﺗﻌﺘﺬﺭ .. ﻭﺷﺎﻟﺖ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺟﻨﻴﻪ ﻋﺎﻳﺰﻩ ﺗﺮﺟﻌﻬﺎ ﻟﻴﻬﻮ .. ﻭﻣﺨﺘﺎﺭ ﺣﻠﻒ ﻣﺎ ﻳﺸﻴﻞ ﺍﻟﻘﺮﻭﺵ ﻣﺮﺓ ﺗﺎﻧﻴﺔ .. ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ أن ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻫﻮ ﻋﻤﺪﺓ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﻳﺔ ﻣﺨﺘﺎﺭ ﻭﺩ ﺭﺣﻤﺔ ﺯﻋﻴﻢ ﺍﻟﻤﻴﺮﻓﺎﺏ ﻓنظمت ﻓﻲ ﺣﻘﻪ كلمات الاغنية الشهيرة (ﺳﻤﺤﺔ ﺍﻟﻬﻴﺒﺔ ﻓﻮﻕ ﻣﺨﺘﺎﺭ ﻋﺮﺵ ﺩﻭﺩ ﻣﺮﺍﻗﺪ السار الخ الاغنية)..