صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الغول والعنقاء ومياه الابيض

9

بشفافية
حيدر المكاشفي
الغول والعنقاء ومياه الابيض
اذا أراد شخص أن يعبر لك عن استحالة حدوث شئ ما، فانه يقول (حدوث هذا الشئ من رابع المستحيلات)، فالمستحيلات عند العرب في أساطيرهم القديمة ثلاثة، هي الغول والعنقاء والخل الوفي، ولكن أهلنا الكرام في مدينة الابيض عروس الرمال وحاضرة ولاية شمال كردفان، اضافوا الى هذه المستحيلات أزمة مياه المدينة التي تأبت واستعصت على كل حل منذ أن خلق الله الابيض، لا تهدأ هونا ما الا لتتجدد مرة أخرى، والحقيقة أن الابيض ليست وحدها التي تعاني أزمة مياه مقيمة بلا فكاك، فهناك أزمة مياه عروس البحر بورتسودان التي ظلت بلا نهاية مثل حجوة أم ضبيبينة، هذا غير أجزاء واسعة من ريفنا الحبيب في أركان البلاد الاربعة، وخاصة في أرياف وقرى غربنا الكبير (كردفان ودارفور)، بل والانكى فحتى عاصمة البلاد التي يشقها نهران ونيل لم تنفك من أزمة المياه، وكأنما كتب على هذه البلاد أن تظل في معاناة دائمة الى أن يرث الله الارض وما عليها، فرغم المحاولات العديدة لمعالجة قضية شح المياه وانعدامها منذ حملات مكافحة العطش التي ابتدرها نظام مايو في بواكيره، والى برنامج (زيرو عطش) الذي اعلنه النظام المباد وبرنامج والي شمال كردفان في النظام المخلوع أحمد هارون (موية طريق مستشفى)، ما تزال أزمات المياه قائمة بلا حل بل هي في ازدياد وتأزم، حتى أن الساخرين بعد الفشل الكبير لبرنامج زيرو عطش أطلقوا عليه (زيدو عطش)..
تجمعني بعروس الرمال صلات وصداقات وزمالات وأهل ومعارف ظلوا على تواصل مستمر معي، ورغم الأزمات المستفحلة في الخبز والوقود (وفى الطريق النقود) وانقطاع الكهرباء والغلاء المتوحش، لم أسمعهم يجأرون بالشكوى مثل شكواهم من أزمة المياه، كيف لا فالمياه هي سر الحياة والوجود، فقد هانت عليهم كل تلك الأزمات وصار همهم الأوحد الحصول على الماء، اذ ظل الأهل فى الابيض يكابدون عناء الحصول على جرعة ماء منذ شهور، ووصلت المعاناة مداها وحدها الذي لا يطاق بتعذر الحصول حتى على الماء الذى يجلبه باعة الماء من أصحاب (الكوارو جمع كارو) رغم ارتفاع سعر برميل الماء الى رقم خرافي، فصارت المدينة كلها مثل ذللك الحي الذي يطلق عليه المتندرون (حي الصقور لا موية لا نور)..ان الله تعالى يقول (وجعلنا من الماء كل شيء حي) صدق الله العظيم… إذن الماء هو سر الحياة، فلا حياة بلا ماء… وحين يفقد الإنسان الماء، ما الذي يبقى له… وحين لا يجدها فما الذي يمكن أن يجده… هل يجد اللقمة الهنية والفرش الوثير والراحة والدعة… هب أنه وجدها كلها، فماذا تعني له حين لا يجد الماء… المؤكد أن حياته ستبقى بلا معنى… ووجوده سيكون بلا قيمة، هذا إن بقي على قيد الحياة حتى يجد الماء.. الماء هو أولى الأولويات وأهم الاحتياجات الضرورية على الإطلاق… بها نحيا وبعدمها نموت… قطع الأعناق ولا انقطاع المياه…
فهل تسمع وتعي حكومة الولاية.. فالمياه مشكلة حساسة واحتياج حيوي، تحتاج إلى بذل كل الجهد وجل المال..
قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد