عند الاقدام على اتخاذ قرار الزواج دائما ما يثور جدل مابين العقل والقلب، منهم من يقول زواج القلب أفضل، ومنهم من يقول بل زواج العقل أفضل..جدل لا ينتهي وصراع مستمر، فبعضهم يقول أن الوسيلة المثلى لزواج ناجح هو العقل، وبعضهم ينفى ذلك نهائيا متعللين بأن زواج العقل ينتهي تدريجيا لأنه لم يبنى على القلب الذي يجعل الزواج يستمر بفعل العاطفة..وبين هؤلاء المنحازين للقلب واولئك المتحيزين للعقل، يتداخل طرف ثالث ويقول أن للزواج شروطه العملية وقواعده الحياتية، لذلك فمن يتزوج دون مراعاة شروطه وإعطاء القلب والعقل معا فرصة الاتفاق على شريك المستقبل سوف يندم بالتأكيد، فلا زواج بدون حب ولا اختيار بدون عقل، فالاختيار العاقل والحب كلاهما من مقومات الزواج..
جدلية زواج العقل والحب أعادها للأذهان السيد فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان، المعروفة اختصارا ب(يونيتامس)، وذلك حين قال بيرتس ردا على سؤال الغراء (الشرق الأوسط) له عن ما اذا كانوا فى البعثة قد لمسوا استعدادا أو تناغما بين مكونات السلطة، من المدنيين والعسكريين، إزاء الانتقال السياسي، قال بيرتس بالنص (تحليلي لهذه المسألة هو أن التعاون بين المكونات المختلفة ليس نتيجة (زواج حب)، لكنه (زواج عقل)، والطرفان انتبها باكرا إلى أن أحدهما لا يمكنه السيطرة على الأوضاع دون الآخر. لذلك، بمساعدة المجتمع الدولي وفاعلين خارجيين، توافقا على شراكة في السلطة، وهي تجربة غير موجودة في الدول المحيطة، التي بعد مرور 10 سنوات من اندلاع الثورات والانتفاضات في الدول العربية، لم تتوصل إلى شراكة في السلطة أو تحولٍ ديمقراطي، بل وصلت إلى حروب داخلية أو إلى سلطوية جديدة. بالتأكيد، هناك تناقضات ومتناقضات، لكن الشيء الأهم في السودان هو أنه قدم لدول الجوار والمحيط الإقليمي نموذج هذه الشراكة. فهي حتى لو كانت صعبة، لكنها فعالة ويمكن أن تمضي إلى الأمام. ووظيفتي أن أساعد السودانيين على الحفاظ على هذه الشراكة. الآن، المعادلة أصبحت أكثر صعوبة. فبعد أن كان هناك طرفان هما العسكريون من جهة، والمدنيون في قوى الحرية والتغيير من الجهة الأخرى، أصبح يوجد أكثر من طرف. وقد حدث تشتت داخل معسكر الحرية والتغيير، ودخلت الجماعات العسكرية التي وقعت على اتفاقية جوبا كطرف ثالث في الشراكة، ما جعل المعادلة أصعب. لكن في الوقت نفسه، من المهم جدا أن تصبح كل هذه المكونات داخل المعادلة، وتستمر في الحفاظ على هذه الشراكة)..غير ان قوى الحرية والتغيير التي دخلت فى شراكة مع العسكر تعتبره زواج ضرورة واضطرار، على طريقة (غطي قدحك) السودانية المعروفة حين يجبر ابن العم على الزواج من بنت عمه..ولكنه يبقى برأينا المتواضع وأيا كانت صيغة وطريقة الزواج، سواء كان زواج عقل على رأي فولكر بيرتس أو كان زواج اضطرار واكراه على قول (قحت)، أنه زواج تم بلا مأذون ولا ولي أمر، فولي أمر الثورة ومأذونها هم بلا شك ثوارها من شباب وكنداكات الحراك الثوري وملحمة الاعتصام، وهم من قطعوا عبر هتافهم المجلجل (عسكرية آاااا وين يا..مدنية وي وي وي)، بأن لا زواج مع العسكر وبأي صيغة جاء..