كالعادة ترافق فريقا الهلال والمريخ في الخروج من دوري أبطال افريقيا، ورغم أن المريخ خسر آخر مبارياته أمام فيتا كلوب الكنغولي بثلاثة أهداف مقابل هدف، الا أنه كان قد غادر البطولة قبلها، ولم تكن تعني له مباراة فيتا شيئا سوى رد اعتباره، ولكنه للأسف تذيل مجموعته بحصيلة نقطتين فقط، أما فريق الهلال فقد أضاع فرصته في التقدم في البطولة بخسارته بهدفين مقابل هدف أمام مازيمبي الكنغولي، ليعود الهلال من مدينة لوممباشي معقل مازيمبي، برتبة (امباشي) ويودع البطولة متذيلا مجموعته بأربع نقاط فقط لا غير، وقبل هذه النتائج المخيبة لفريقي القمة، وعندما كان المريخ يتعثر ويبدو الأقرب لمغادرة البطولة، والهلال يتقدم ببطء سلحفائي بتعادلاته الكثيرة، كنت أداعب بعض أصحابي الهلالاب بأن لا تفرحوا واستعيد لهم ذكرى عمود (ما بنطير برانا) لكاتبه الصحفي الرياضي المريخي أحمد محمد أحمد، وصدق توقعه فقد طارا معاً ولم يهبطا على منصة تتويج حتى اليوم..
لقد أصبح خروج فرقنا الرياضية من المنافسات القارية مألوفاً ومعتاداً ومتوقعاً، ولم يكن خروجهما الأخير الا حلقة في سلسلة خيباتنا الكروية المتسلسلة، ليعودا إلى محليتهما ومعافرة ومدافرة التنافس المحلي الضعيف، فقد كان كلاهما في السوء سواء، ولن تشفع لهم تبريرات الإعلام الرياضي ولا مشاجبه التي يعلق عليها الهزائم المنكرة، فشفاعة هذا الإعلام مردودة عليه لأنه بالنتيجة صار جزءا من أزمة الكرة، وليس جزءا من الحل وذلك من خلال تعاطيه الهتافي الفطير الذي يحاول عبره أن يخلق من الحبة قبة، وأن يجعل للحنابر قنابر، فليست المشكلة في التدريب وحده ولا التحكيم والإدارة فحسب، وإنما هي جماع كل ذلك كما أنها قبل ذلك ومع ذلك في هؤلاء اللاعبين محدودي الفكر محدودي الطموح مهدودي الحيل، وبدلا من أن تتضافر جهود الإعلام مع الجهود المخلصة الساعية لرفعة كرة القدم وتطورها عن طريق رفع مستوى الفكر الكروي عند اللاعب والارتفاع بطموحه ومستوى لياقته الذهنية والنفسية والبدنية، بدلا من ذلك نجد الإعلام الرياضي يحدثنا عن الخطير والمرعب من اللاعبين وهلمجرا من ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد، والحال من بعضه، فمثل هذا العك نجده في السياسة أيضا، لقد هزمنا أنفسنا قبل أن تهزمنا ظروف إصابة أو كورونا أو اصابة عين أو تحامل حكام أو خدعة مدرب، انهزمنا لأننا ابتداء ضخمنا حجم قدرتنا الكروية بالنفخة الكذابة والتي سريعا ما تتلاشى أمام أي محك أو اختبار قدرة حقيقي، والحكمة تقول رحم الله امرئ عرف قدر نفسه، ثم انهزمنا لأننا بخطل هذا التقدير لم نقدر لرجلنا قبل الخطو في مضمار المنافسات الكبرى موضعها، والحكمة كذلك تقول قدر لرجلك قبل الخطو موضعها فمن علا زلقا عن غرة زلجا، معرفة حجمنا الكروي الحقيقي ثم الاعتراف بقصر قامتنا الكروية التي لا تزال تحتاج الكثير لتطال الكبار، هذه هى النقطة الصحيحة التي لا بد أن ينطلق منها مسار الاصحاح الكروي، وبغيرها سنظل نعك ونلت ونعجن وندور في حلقة الهزائم والخيبات المفرغة.