الحمدُ لله أتمَّ النعمةَ على الأمَّة وأكمل لها دِينها، وآتى الحِكمَةَ أهلها وتمَّمَ بمُحمدٍ مكارمَ الأخلاق كلها، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له شَهادةً نسْتظِلُّ بظلها ونحْيَى ونموتُ عليها ونلقى اللهَ به وأشهَدُ أنَّ مُحمداً عبدُه ورسوله..﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾.
أمّا بعد:
عباد الله إذا نزلنا الى أرض الواقع في حياتنا اليومية نرى اليوم أن الدنيا أصبحت أكبر همنا ومبلغ علمنا فصرنا نرى في أسواقنا أخلاقاً ليست هي بأخلاق المسلمين كذباً وغشاً وبخساً و تطفيفاً و طمعاً في نفوس بعض التجار فقد خصصنا هذه الخطبة من أجل تصحيح المسار والتخلق بأخلاق الإسلام.
إن من أهم الصفات – أيها الأحبة- التي ينبغي للتاجر المسلم ان يتصف بها ان يحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه وأن ينزل البائع او المشتري منه منزلة نفسه فكما تحب أيها التاجر لنفسك المكسب والربح أحبه لغيرك وكما لا تحب لنفسك الغبن والغش فلا تغبنن أحداً ولا تغشه.
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه كذا عند البخاري.
قال الله تعالى ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾
أمة الإسلام:
و من الاخلاق التي يجب ن يتحلى بها المسلم و المسلمة عند البيع و الشراء السماحة و السماحة في البيع هي أن يتساهل البائع في الثمن والمشتري في المبيع، والتساهل في المعسر بالثمن فيؤجل إلى وقت يساره، ومما جاء في الحديث: ((عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى)) أي طالب بدينه. أخرجه البخاري.
ومن الأخلاق المفقودة في البيع و الشراء هذه الايام الصدق في المعاملة بأن لا يكذب في إخباره عن نوع البضاعة وجودتها ونحوه، فالتاجر الصدوق لا يتاجر بإيمانه وإنما يتاجر مع الله تعالى بصدقة فيبارك الله تعالى له في رزقه.
ومن آداب البيع والشراء ودلائل الصدق فيه عدم الإكثار من الحلف؛ بل عدم الحلف مطلقًا؛ لأن في ذلك امتهانًا لاسم الله – تعالى -، قال – تعالى -: ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ ﴾ ، عن أبي هريرة – رضي الله عنه -قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: ((الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب)) متفق عليه. أما ما نراه في الأسواق من حلف بالباطل وحلف بالزور فانه ليس من أخلاق أهل الإيمان ولا من شيمهم .
و من أخلاق التاجر المسلم: أن يتقي البائع ربه و يحذر من تطفيف الكيل و الميزان يقول الله جل وعلا: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ فمن المصيبة الإخلال بالمكاييل والموازين ، وكان ابن عمر يمر بالبائع فيقول: “اتق الله، وأوف الكيل والوزن بالقسط، فإن المطففين يوم القيامة يوقفون حتى إن العرق ليلجمهم إلى أنصاف آذانهم.
ايها الاحبة :
و من آداب و ضوابط البيع القناعة لدى البائع بما يسر الله له فأنت أيها البائع لا بد أن تربح وتسعى في الربح لكن ليكن هذا الربح ربحاً واقعياً لا ربحاً تجاوزيا ، وهذه الايام نشهد الكثير من المبالغات في اسعارالسلع والتي يفرضها بعض الباعة بحجة انخفاض العملة فنجد ان السلع ترتفع اسعارها في اليوم اكثر من مرة فلا بد من قناعة لك أيها التاجرالمسلم وقناعة بالرزق الذي تحصل عليه وأن يكون ربحك ربحاً طيبا ًربحا مباركا لا ضرر فيه على الأخرين وفي الحديث: عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ومن أخلاق التاجر المسلم الالتزام بالعهود والعقود والوفاء بها، ومن الأمور والضوابط المرعية التي حثنا عليها رب البرية – جل جلاله-الوفاء بالعهود والمواثيق قال الله -جل وعلا -: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ ، وقال: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ أن الْعَهْدَ كان مَسْئُولاً ﴾ والشراء عقد، والله يقول: ﴿ وَأَشْهِدُوا إذا تَبَايَعْتُمْ ﴾ كل ذلك من أجل رفع الحرج، والوفاء بالعقود، وعدم الخيانة والخداع في ذلك ، أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.