بعد اجتياح العراق للكويت اختارت الإنقاذ السباحة ضد تيار المنظومة الدولية ، واستعصى عليها الأمر ولم تجد حتى القشة للامساك بها خوفاً من الغرِق المؤكد ، وعند تأكد أهلها من أنّ الغرق هو المصير المحتوم ظلّوا يهتفون بمُكابرة ضد الجميع ، ويرفع قادتها كُلما خرجوا إلى سطح المياه سبابتهم للتهديد والوعيد بأنّهم سيخرُجون بسلام رغم أنف أمريكا الهالكة لا محالة على يديهم ، وأنّ سفينتهم العملاقة ستعبُر مُحيطات السياسة الهائجة وتنجو من أمواجها المُتلاطمة ، والويل كُل الويل لمن اعترض أو حاول اعتراض سبيلها والنهاية كانت كما تعلمون حزينة.
في تلك الأيام التي حاول فيها النظام زرع العظمة الزائفة في نفسه انتقلت عدوى الهُتافات والعنتريات إلى الشارع وخرجت المسيرات الهادرة تُهدد هي الأخرى أمريكا ورفاقها من عذابٍ ينتظرهم ، واستغل صُنّاع الطُرفة تلك الأوضاع وانتجوا الكثير من الطرائف الساخرة ، مثل قرية أم جريجيرة تُهدّد أمريكا لأخر مرة إن تمادت في طُغيانها وحاولت المساس بالبلاد وتطاولت على النظام مرة أخرى ، وقرية السلوماب تعُد العُدة لضرب أمريكا وتأديبها على تصرُفاتها الصبيانية وتتوعدها برد الصاع صاعين إن لم توقف اللعب الخشن مع الإنقاذ وغيرها من طرائف السُخرية الموجهة ضد نظام الإنقاذ.
لقد نجونا وغرقت سفينة الأنقاذ ، وغرقت معها صناديق الهوس وحقائب العظمة الزائفة واختفت معها تلك القوة المزعومة ، وما يجب علينا اليوم هو البحث الجاد عن البوصلة المُضاعة للخروج إلى البر وما يُعيدنا للسباحة مع تيار الجماعة ، ولن يتأتى هذا والبعض ما يزال يُحاول دفعنا إلى ميادين العبث باعتقادهم الجازم بأنّ التشرذُم القبلي والتواري خلف فوهات البنادق وغيرهما من مظاهر الفوضى التي ترونها اليوم هي أسرع مطايا للوصول للسلطة ، وأقصر الطُرق للحصول على الحقوق في دولة يجهل أهلها قيمتها وما أودعه الله فيها من كنوز تكفي الجميع بلا صراعات أو عنتريات ، وتؤهلنا بجدارة لبلوغ آمالنا في أن نتقدم ركب الدول (إن) أردنا.
مُحاولات البعض في استعراض القوة التي نراها في يومنا هذا بالاستقواء بالقبائل والمناطقية والسلاح لا تُبشِّر أبداً بخير ولن تدعم قيام الدولة التي نُريد ، وأنّى لنا وما من صباح إلّا وجاء فيه من يُحدثنا بقيام حركة أو مجموعة جديدة بمُسمى جديد يسعى أهلها (فقط) لفرض شروطهم على حكومة مُثقلة بالأزمات وعاجزة عن أي حل ، وما من منطقة إلّأ وظهر فيها من يُهدد ويتوعد في سبيل الحصول على حقوقٍ مسلوبة لن ينالها إلّا هكذا وله في الحركات المُسلحة والمجموعات القبلية مثال بئيس ، وقد نالوا ما أرادوا بل أكثر في المُحاصصات الأخيرة التي أغرت من لا يُريدون للسودان خيراً للسير في نفس الطريق المُعوّج.