حدثينا لهذا اليوم عن أمر عظيم تفشى في المجتمع حيث اختلط فيه الحابل بالنابل ، حدثينا عن كبيرة من الكبائر من استحلها فقد إختار طريق السعير والعياذ بالله ، حديثنا عن المال الحرام وما أدراك ما المال الحرام يكفي والله أن صاحبه في نار تلظى لا يموت فيها ولا يحيى جعلنا الله وإياكم ممن أغناهم الله بحلاله عن حرام وبفضله عمن سواه.
عباد الله: لقد خلق الله – تبارك وتعالى – الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له، وأمرهم أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم من الأرض، وأن يجتنبوا الحرام والخبيث، قال – تعالى -: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾
ومن أكثر عواقب أكل المال الحرام شدة أنه سبب من أسباب عذاب القبر ، ومن ذلك أكل مال اليتيم، الذي شنع فيه ديننا على أصحابه أيما تشنيع، بأسلوب تقشعر منه أبدان الذين يعقلون. يقول تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ قال السدي: “إذا قام الرجل يأكل مال اليتيم ظلمًا، يُبعث يوم القيامة ولهبُ النار يخرج من فيه، ومن مسامعه، ومن أذنيه، وأنفه، وعينيه، يعرفه من رآه يأكل مال اليتيم”.
أيها الأحباب :
ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم: “الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟” مسلم.
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “بالورع عما حرم الله، يُقبل الدعاء، والتسبيح”. ويقول ابن عباس رضي الله عنه:”لا يقبل الله صلاة امرئ في جوفه حرام”.
عباد الله :
إن من عقوبات أكل المال الحرام وعواقبه أن أكل المال الحرام من أعظم أسباب حرمان الرزق الطيب المبارك: وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يحسنه بعض أهل العلم: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)، فكم من درهم حرام حُرم به العبد دراهم من الحلال، ولو تعفف العبد عن الحرام وقنع بما كتب الله له من الحلال لفتح الله عليه من أبواب رزقه ما يكفيه ويغنيه، فإنه تعالى قد أخذ على نفسه ذلك فقال: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).
كما إن أكل الحرام من أسباب زوال نعم الله على العبد وحلول نقمه عليه تماماً كما قال الله تعالى لأكلة الربا: (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) وآكل المال الحرام يظن أنه في نعمة وغنى وكلما جمع من الحرام أكثر كلما أحاطت به خطيئته وأحل الله به عقوبته من حيث يشعر ومن حيث لا يشعر.
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، واقنعوا بالحلال عن الحرام، وتوبوا إلى الله من المظالم والآثام، وأحسنوا كما أحسن الله إليكم، ويسِّروا على عباده كما يسر الله عليكم وَاحرِصُوا عَلَى الرزق الحلال يبارك الله لكم فيهْ.� أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.