تكررت الأخبار التي تتحدث عن إحباط اجهزة الجمارك لعمليات تهريب بمطار الخرطوم الدولي ، وتعددت أساليب التهريب المختلفة ، وفي كل مرة تحبط فيها الجمارك عملية تحتفي بإنجازها ، وتتحدث عن ان عملية الإحباط تمت بطريقة احترافية عالية تثبت كفاءة افراد الجمارك ولكنها تغض الطرف عن الحديث عن بعض الاسباب التي تجعل التهريب عبر مطار الخرطوم امراً ممكنا وطبيعياً .
وأحبطت أمس الأول أجهزة جمارك وأمن طيران مطار الخرطوم الدولي، عمليات تهريب كميات كبيرة من الذهب بغلت (19) كيلو و(705) جرامات، كشفتها سلطات المطار ، وإلى جانب الذهب ضبطت الأجهزة الأمنية (137) ألف دولار، وكمية كبيرة من المخدرات وحبوب الهلوسة، حاول مهربوها التمويه على أجهزة المطار بطرق مختلفة غير معهودة بإخفائها داخل أزياء وحقائب واسطوانات أو مستحضرات تجميل، ومصاحف القرآن الكريم. وإن جملة الكمية المضبوطة من الذهب عبر المطار العام الماضي، بلغت (18) كيلو و(106).
فمن الملاحظ ان الجمارك دائما تتحدث عن عمليات الإحباط بإنها إنجاز كبير ، لكنها لاترى ابدا ان ثمة بعض العمليات تكشف عن اوجه القصور الأمني الكبير ، وتوضح وجود ثغرات أمنية واضحة ، تجعل شهية المهربين مفتوحة دائما ، فالمطار عندما يكون الخيار الأفضل للمهربين ، فهذا يعني ان هناك العديد من الاسباب التي تظل باقية بعد كل عملية احباط ، ومنها بعض الجهات او الافراد التي تساعد في عمليات التهريب بصورة راتبة .
وماذا يعني ان رجل أمن احدي الشركات لاحظ سلوك راكب وهو يتلقى سبائك ذهب مُهرَّبة قبل صعوده على الطائرة من أحد النظاميين العاملين بالمطار( خارج ورديّته ) ، وهنا تكمن المشكلة فكم من الذهب الذي هُرب عبر المطار ولم يلاحظه احد ، وكم من النظاميين العاملين بالمطار يعملون في مجال ( التمرير ) وكم يتقاضى الفرد مقابل تهريب كميات من الذهب ، هذا الفرد الذي يعمل بالمطار كم عمره العملي بالمطار ، هل يعمل كل ما تسول له نفسه ام ان هناك شخصية أكبر يستند عليها في إنجاح وتمام عملياته ، ومانصيب هذه الشخصية من القسمة ، فوجود مثل هذه الشخصيات ان كانت بالمطار او خارجه ، يجعل عملية تهريب الذهب والعمله وغيرها امر طبيعي شبه يومي يحدث في مطار ( يفتح بابه ضلفتين ) لهذه العمليات ، فالجمارك كل ستة أشهر او أكثر قد تحتفل بإحباط عملية واحدة ، ولكن كم هي العمليات في هذه الفترة التي تحدث دون ضبطها
إنجاز الجمارك وأفرادها الموقرين يجب ان يتم عند الكشف القبلِي من وهلة عن طريق لغة الجسد للمهرب او نظراته وهي تبدأ من داخل الصالات هذا الذي يجب ان تحتفل به الجمارك ، ولكن ليس بعد ان يصل الذهب الي سلم الطائرة هذا ليس إنجاز ، هذا إخفاق كبير يجب ان لاتتحدث عنه الجمارك لاجهزة الإعلام ، وكان لها صدقاً ان تدخل في اجتماع مغلق ، حتى تعرف الاسباب الجوهرية لتكرار عمليات التهريب عبر المطار ، كما يجب ان تكون هناك قوانين رادعة وقاسية للمهربين والذين يساعدوا في عمليات التهريب ان تم القبض عليهم ، وإعادة هيكلة أمن المطار ، وتحديث اجهزة كشف حديثة تواكب أساليب التهريب المتطورة عند المهربين ، فإن لم يخش المهرب فكرة التهريب عبر مطار الخرطوم كخيار أفضل ، لن تعود للمطار هيبته المفقودة ، فكل عملية إحباط مهما كان حجمها ، لن تجدي ، وتبقى واحدة من مظاهر ( الشو ) ليس أكثر