صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

استراحة الجمعة : النمرة غلط

8
د. ناهد قرناص

———-
استراحة الجمعة ناهد قرناص

النمرة غلط
يمر هاتفي هذه الأيام بحالة اشتباك مع رقم هاتف شخصية فنية معروفة ومشهورة في عالم غناء البنات.. لا يسألني أحد كيف تم ذلك الأمر فليس عندي تفسير غير انني أحياناً أتعرض لحالة من سوء الحظ و(الكج) كالأيام التي فقدت فيها بطاقة الصراف عندما ابتلعها الجهاز الميمون، الأيام الثلاثة الفائتة عشت أوقاتاً من الضغط النفسي و(الخلعة ) إذ أن أغلب التلفونات الخاصة بهذه الشخصية المشهورة تأتيني بالليل وبعد ان أخلد الى النوم فتجعلني أضرب أخماساً في أسداس وأتردد كثيراً في فتح الهاتف.. فهواتف الليل او الصباح الباكر لا تعني الا خبر الموت، بدأت القصة قبل ثلاثة أيام عندما رن هاتفي طويلاً عند الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل.. بعد طول تردد أجبت لرقم لا أعرفه.. فأتاني صوت نسائي بالجهة الأخرى ( يعني ما بالغتي يا ستو.. وين انتي ؟ العروس دي ما جاهزة من قبيل منتظراك للجرتق).. حاولت بقدر الامكان استيعاب الأمر فلم أستطع.. قلت لها (معليش انت عايزة منو؟)..فقالت دا ما تلفون (…..).. وذكرت اسم فنانة مشهورة في عالم الغناء النسوي.. .فأجبت قائلة (يا ريت والله.. لكن البتتكلم معاك دي ما هي )..اعتذرت وانسحبت وتركتني أفكر في ما هو الرابط العجيب الذي يجمعني مع هذه الفنانة المشهورة ؟؟..عندما صحوت في اليوم التالي كنت قد نسيت الموضوع وأخذتني دوامة العمل واذا بهاتفي يرن في منتصف النهار.. فيأتيني صوت أنثوي يقول ( نزلت ليك في حسابك (….) مليون.. زي ما اتفقنا دا النص.. والنص التاني بعد رقيص العروس ).. في هذه المرة كان ذهني حاضراً وتذكرت هاتف منتصف الليل فوراً.. ولكن سعدية النكدية وجدت فرصة.. فقد هالني نصف المبلغ الذي يساوي مرتب ثلاثة أشهر مجتمعة بالنسبة لي.. تحسرت على نفسي قائلة أنا من ضيع في الأوهام عمره.. قلت للمرأة (النمرة غلط يا أخت انا ما فلانة الفلانية)..اعتذرت هي الأخرى وهذه المرة دعتني الى حضور زفاف ابنتها ورقيص العروس.. . (صحي قالوا الدنيا يا كفر.. يا وتر).. مما يعني انني والكثيرون مثلي خارج التغطية تماماً، الشئ المهم انني عرفت وبعد سماعي لرقم (العداد) لماذا اتجه أغلب الشباب الى امتهان الغناء وانطبقت علينا مقولة (بلد المليون فنان)، أغلب البرامج التنافسية في اعلامنا هي برامج غنائية.. يأتون بشباب في مقتبل العمر.. يظهر في التلفزيون لمرة او اثنين.. ثم في ذلك البرنامج الرمضاني.. وهايل هايل.. ووووهوبا.. . يصبح فنان الجماهير ولا عزاء لي ولا لغيري ممن لا يمتلكون موهبة الصوت الجميل، لكن لمبة عبقرينو حق لها ان تتساءل (لماذا لا يوجد برامج تنافسية في بقية الاشياء.. كالعلوم والابتكارات.. كالرياضيات والهندسة )…سؤال برئ والله.. واما الكفر فما شاء الله عينا بااااردة فالعداد بالمليارات (اللهم لا حسد) وكذلك تتوقف الحياة وتنتهي كل الهموم وتحبس أنفاس الجميع في انتظار توقيع (فلان ) للنادي العلاني ومن ثم تضج الصحف وتتصدر الاخبار صورة اللاعب الاسطورة فلان يوقع للنادي.. ويظهر احد أصحاب العمم الكبيرة مزهوا بهذا الانجاز الكبير ويمتلئ الاسفير بسعادة البعض و(مغسة) الآخرين.. ومن ثم تنتهي الضجة ولا نسمع باسم هذا اللاعب او غيره الا عند تلك اللقاءات الخجولة التي تتم بعد كل هزيمة ثلاثية نتلقاها ليبرر بقوله (ان المباراة كانت للاحتكاك واكتساب الخبرة ) وعلى ما نذكر من دروس الفيزياء قديما ان الاحتكاك المستمر يولد الحرارة وربما يشعل النار.. لكن يبدو ان احتكاك عالم الكرة غير، فهو لا يزيدهم الا برودا في برود وتقبلاً للهزائم بصدر رحب يحسدون عليه، صباح اليوم رن الهاتف (اسمعي انت حتتحركي متين ؟ الساعة عشرة مثلا؟ عشان البنات الشيالات ديل يكونوا جاهزين).. هنا كان الكيل قد طفح.. يعني يا (فلانة) انت القروش تنزل في حسابك وأنا علي تلقي المكالمات؟؟؟ .قلت للمتحدثة ( أنا ما فلانة ياخ.. اريت التمساح كان كتلني كسر رقبتي )… خرجت وكل عفاريت الدنيا (تتنطط في وشي ).. ولكن مسجل آدم أعاد لي الابتسامة بتواطئه مع الموقف ككل.. فقد كان يغني وكأنه يغني لست الاسم تلك (القسم المنام لي عيونك.. ليه ما خلى لي نصيب ).

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد