مفاجأة صادمة من العيار الثقيل دفعت بها وزيرة المالية المكلفة هبة محمد علي على منضدة الشعب السوداني المليئة بالهموم والآلام في خواتيم أيامها الأخيرة بالوزارة ، وذلك بإعلان تطبيق تعرفة جديدة لشراء الكهرباء بزيادة بلغت 433 بالمئة، لكل القطاعات، السكني والتجاري والزراعي والحكومي.
وبحسب بيان صادر عن وزارة المالية فإنه وفقاً للأسعار الجديدة، ستبلغ تعرفة الكيلوواط لأول 100 كيلو للقطاع السكني، 0.80 جنيه (0.014 دولار أمريكي .وأوضح البيان أن النظام الجديد يطبق ارتفاع قيمة تعرفة شراء الكهرباء تصاعديا مع زيادة الاستهلاك، فيما ستبلغ تعرفة الكهرباء للمرحلة الثانية من الاستهلاك السكني (101- 200) كيلو واط، جنيها واحدا للكيلو واط.
وترتفع التعرفة بقيمة 0.20 جنيه مع كل زيادة 100 كيلوواط الاستهلاك بعد 2001 كيلوواط.
وما أن إطلعت على خبر الزيادة حتى تذكرت أنه قبل أسبوع كنت في زيارة للولاية الشمالية ، وتزامنت زيارتي مع وقفة احتجاجية لأصحاب المشاريع الزراعية بالولاية الشمالية بمقر حكومة الولاية رافضين زيادة تعرفة كهرباء بنسبة بلغت 500% ، ولم يكتف اصحاب المشاريع الزراعية بالاحتجاج بل اعتصموا وهددوا والي الشمالية بأنه إذا لم تحل قضيتهم سيفشل الموسم الشتوي لهذا العام وبدورها وعدتهم بالذهاب إلى الخرطوم لبحث حلول لقضيتهم بأعجل ما تيسر ، ولكن هاهي الطآمة الكبرى تستقبلها بالخرطوم التي زادات التعرفة من جديد دون تقديم أي مبررات وإنما بفرض الأمر الواقع وكأن وزيرة المالية تقدم هدية للشعب السوداني في العام الجديد إن لم يكن طعمها بالسم فهو أشد من مرارة (الحنضل).
زيادة تعرفة الكهرباء تضع رئيس مجلس الوزراء أمام المحل فحمدوك في مؤتمره الصحفي الأخير وفي حوار مع (الجريدة) قال إن الاقتصاد السوداني (براغماتي) بمعنى أنه لا ينصاع بالشكل الكامل لروشتة البنك الدولي مستشهداً بأن الحكومة رفعت الدعم عن المحروقات ولكنها ستستمر في دعم السلع الأخرى ، ولكن هاهي الحكومة تقوم برفع الدعم عن الكهرباء فهل البراغماتية التي يقصدها رئيس الوزراء أن الحكومة ستعمل بسياسة الأمر الواقع أم ماذا؟
وبالمقابل هل تريد وزيرة المالية أن تضع الأشواك في الكرسي لمن يخلفها وهي تهم بالمغادرة وتدرك أن الحكومة القادمة أمامها تحديات جسام ولا تريد أن تبدأ بمزيد من الغضب الشعبي.
وعلى هذا المنوال هل تتوقع الحكومة أن للشعب السوداني صبر بلا سقوفات؟ وأنه سيفوت لها كل مرة أن تصب الزيت الحار على نيران معاناته ، من المؤكد أن الجرة لن تسلم كل مرة وإن كان الشعب مدركاً بل المستقبل واعد وأن الانتقال ليس سهلاً فهذه الومضة المشعة لا تلعب عليها الحكومة كثيراً لأنها ستنطفئ كما قطوعات الكهرباء المتكررة برغم زيادة تعرفتها .. (كدا أوفر خالص)!!