* أثار إختيار شقيق حميدتى ونائبه في قيادة قوات الدعم السريع ضمن تشكيلة ما يعرف بمجلس شركاء السلام غضب واستنكار الكثيرين، وامتلات الصحف والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى بالمقالات والكتابات والتعليقات التى تسخر من هذا الاختيار باعتباره نوعا من العشائرية الجديدة ومحاولة من (حميدتى) لبسط نفوذه وسيطرته على موقع سياسى يتمتع بسلطات واسعة كفلها له قرار التشكيل الصادر من رئيس المجلس السيادى، لتكتمل له السيطرة على كل مراكز النفوذ والقوة في الدولة .. العسكرية والسياسية والاقتصادية، من خلال سيطرته المطلقة على قوات الدعم السريع وعلى امبراطوية اقتصادية ضخمة، ثم على مواقع إتخاذ القرار السياسى بما فيها المجلس السيادى ومجلس الشركاء بالاضافة الى المجلس التشريعى (إذا قام) من خلال سيطرة حلفائه في الجبهة الثورية عليه، فتكتمل له بذلك السيطرة على الدولة بشكل مطلق، وهو ما يؤكد الشكوك التى ظل الكثيرون يثيرونها حول طموح حميدتى في حكم السودان أو على الأقل لعب دور محورى في مستقبل الحكم في السودان!
* غير أن هنالك سؤال محوري يتبادر الى الذهن .. هل تسمح القوات المسلحة (مهما كانت درجة الضعف التي يلصقها بها البعض) والنخب السياسية وجماهير الشعب والثورة .. لهذا الطموح أن يتمدد ويتسع بدون أن يكون لها رد فعل مضاد، وهو ما يقودنا الى سؤال آخر .. لماذا عين البرهان أو وافق على مشاركة (حميدتى الصغير) في مجلس الشركاء وما هو هدفه من ذلك .. (هدف البرهان) ؟!
* سأجيب على السؤال الثاني ــ واترك الأول لمقال آخر ــ ولكن بعد إستعراض تصريحات الناشط السياسي (منتصر ابراهيم الزين) الذى كان أكبر الداعمين لحميدتى والمدافعين عن قوات الدعم السريع، إلا انه فاجأ الجميع بسحب تأييده لحميدتى وقوات الدعم السريع وتوجيه انتقادات حادة لمشاركة (حميدتى الصغير) في مجلس الشركاء، واصفا المشاركة بأنها تؤسس لدكتارتورية عشائرية !
* وقال منتصر في تصريح لصحيفتنا نشرته أمس، “ان صيغة تقاسم السلطة داخل الأسرة الواحدة تعتبر انتكاسة كبيرة في مسيرة الثورة، وتستدعى إعادة النظر بصورة جادة في بنية الدعم السريع وتأثيرها على مستقبل التحول الديموقراطي بالبلاد، وبرر موقفه هذا بأنه لا يريد أن يساهم في ترسيخ الدكتاتورية التي وصفها بالدكتاتورية العشائرية، وسَحَب تأييده للدعم السريع حتي لا يدعم هذا الاتجاه الذي بدا واضحاً في تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية.
وأضاف، بأن هناك ظروفاً موضوعية ومبررات قادت لقبول سيطرة العشيرة على قوات الدعم السريع في مرحلة سابقة، ولكن استمرار هذه السيطرة ومحاولة سيطرة الاخوين على مجلس الشراكة في مرحلة تأسيس قواعد الانتقال الى التحول الديموقراطي ، تؤكد بأن التمدد العشائري توجه مؤسسي، مما يقدح في التزام قوات الدعم السريع تجاه المجتمع والدولة، وقال ان نقده نابع من أن السيطرة القبلية والعشائرية أمر مرفوض يجب مقاومته، لأنه يمثل انتكاسة في مسيرة البلاد.
* وكشف أنه التقى بحميدتي بعد التغيير وطرح له رؤيته حول السلم والمصالحة، ولكنه تأكد بأن حميدتي ليس لديه الجدية الكافية تجاه ذلك، فضلا عن أن المصالحة والسلم ليس من أولوياته، وحذر من تحويل حميدتي لعملية السلام الى مكسب للتمكين السياسي وكسب الحركات المسلحة كحلفاء سياسيين من أجل تحقيق هذا الهدف، وأضاف بأن حميدتي ليس له وعي بأن هناك استحقاقات لدي المجتمع الذي عاني من ويلات الحرب التي تسببت فيها كامل الطبقة العسكرية في الحكومة أو الحركات المسلحة، وأكد بأن سحب تأييده لحميدتى نابع من أنه يتخوف من تحول عملية السلام الي صفقة بين أمراء حرب!
* كان ذلك ما قاله (منتصر الزين) ولا اريد التعليق عليه، لأنه لا يخرج من التحذير الذى ظللت أكرره عن بأن الهدف من (اتفاق جوبا) ليس سوى محاولة للسيطرة على السلطة بمشاركة حلفاء جدد، ثم التخلص منهم لاحقا بعد استنفاذ أغراضهم، وهو ما أخذ يتضح الان، سواء من خلال توجهات وتصريحات قادة الجبهة الثورية أو تكوين ما يعرف بمجلس الشركاء والصلاحيات الواسعة التي أعطيت له !
* نأتي الآن للإجابة عن السؤال عن الهدف من تعيين البرهان أو موافقته على مشاركة (حميدتى) الصغير في مجلس الشركاء رغم ما يمكن أن يجره ذلك من مشاكل وتعقيدات .. في رأيي الشخصي أن (البرهان) الذى يصفه زملاؤه في القوات المسلحة والمقربون منه بالدهاء والمكر، قصد من تعيين شقيق حميدتى او الموافقة على طلب حميدتى بتعيين شقيقه، عكس ما يظنه الكثيرون بأنه تمكين لحميدتى ، وإنما القصد هو إحداث ردة الفعل الغاضبة والرافضة للتعيين الواسعة التى نشهدها الآن، بغرض وضع حميدتى في حجمه الطبيعى (أو شئ بهذا المعنى ) عندما يرى الرفض الواسع له من جماهير الشعب، بالإضافة الى زيادة درجة الكره له بين الشعب .. إذا لا يعقل لضابط في القوات المسلحة أن يسمح لشخص من خارج القوات المسلحة، ومن خارج دوائر النفوذ التقليدية، بالسيطرة على مقاليد الأمور في البلاد، ولكنه لا يملك فى الوقت الحالى من الوسائل لتقليص نفوذه الا الدهاء !